المبحث الخامس : في حمل الأمر على النفسيّ والعينيّ والتعيينيّ :
ذهب في الكفاية إلى أنّ مقتضى مقدّمات الإطلاق والحكمة هو الوجوب النفسيّ لا غيريّ والتعيينيّ لا التخييريّ والعينيّ لا الكفائيّ.
واستدلّ لذلك بأنّ مقابلاتها تحتاج إلى تقييد الوجوب وتضييق دائرته لعلّه لما قيل من أنّ الوجوب في الواجب الغيريّ تتضيّق بوجوب ذلك الغير فلا يجب إلّا فيما إذا وجب ذاك الغير والوجوب في الواجب التخييريّ تتضيّق بعدم الإتيان بالآخر الذي هو طرف التخيير والوجوب في الكفائيّ تتضيّق بعدم إتيان الآخرين ممّن يحتمل أن يكون مكلّفا بالمتعلّق.
وعليه فإذا كان المتكلّم في مقام البيان ولم ينصب قرينة على الغيريّة أو التخيير أو الكفائيّة فالحكمة تقتضي الإطلاق في الوجوب ، وجب هناك شيء آخر أو لا فهو النفسيّ أتى بشيء آخر أو لا فهو التعيينيّ أتى به آخر أو لا فهو العينيّ.
أورد عليه استاذنا المحقّق الداماد قدسسره أوّلا : بأنّ قوله في الواجب النفسيّ بأنّ الحكمة تقتضي وجوبه مطلقا وجب هناك شيء آخر أو لا منظور فيه ، حيث يمكن أن يكون الواجب النفسيّ متلازما مع واجب نفسيّ آخر كوجوب القصر والإتمام مع إفطار الصوم إلّا ما استثني وعليه فلا يتمّ القول بأنّ الحكمة تقتضي وجوب القصر سواء وجب شيء آخر أو لا.
يمكن أن يقال : إنّ الإطلاق يتصوّر من جهات مختلفة ربما تتمّ المقدّمات من حيث دون حيث آخر وفي مثل المقام تتمّ المقدّمات من حيث عدم مدخليّة شيء