مع أنّه لو كان الاستعلاء دخيلا في الصدق لما كان طلب الغافل عن علوّه أمرا.
نعم لو اقترن الطلب بما يدخله في حقيقة الاستدعاء أو الالتماس لا يصدق عليه الأمر لفقدان ما اعتبر في صدقه من صدوره عن العالي بما هو العالي وإن كان غافلا عن علوّه إذ مع الاقتران المذكور نزّل نفسه عن علوّه ويدرّجها في المساوي والأدون كما أنّ المولى الشرعيّ إذا نزّل عن مقام المولويّة وجعل نفسه بمنزلة أحد من العقلاء وأمر كان أمره إرشاديّا ولم يترتّب عليه ما يترتّب على أوامره المولويّة من عصيان المخالفة.
وممّا ذكر يظهر أنّه لا وجه لاعتبار الجمع بين العلوّ والاستعلاء لما عرفت من عدم دخالة الاستعلاء بالمعنى المذكور إذ اللازم في صدق الأمر هو صدور الخطاب عن العالي وإن لم يكن مستعليا به.
كما اتّضح ممّا مرّ أيضا عدم صحّة اعتبار أحدهما إذ الاستعلاء بدون العلوّ الواقعيّ أو الظاهريّ لا يوجب صدق الأمر على طلب السافل المستعلي بل يصحّ سلب الأمر عنه. نعم يكفي العلوّ البنائيّ وهو يقوم مقام العلوّ الواقعيّ والظاهريّ كالمجاز السكّاكيّ ولذا نرى صدق الأمر على طلب من يفرض أنّه سلطان بالنسبة إلى غيره من الوزراء الفرضيّة ونحوهم كما هو المشاهد في لعب السلطان والوزير. فكما أنّ ادّعاء كون زيد أسدا يصحّح إطلاق الأسد عليه حقيقة والمجاز في الادّعاء كذلك يصدق الأمر على طلبه حقيقة بعد ارتكاب المجاز والعناية في جعل السافل عاليا.
لا يقال : والشاهد على صدق الأمر على طلب السافل المستعلي هو تقبيح الطالب السافل من العالي المستعلي عليه وتوبيخه بمثل أنّك لم تأمره فإنّ الظاهر منه أنّ التوبيخ على أمره لا على استعلائه وهو كاشف عن كفاية الاستعلاء في صدق الأمر.
لأنّا نقول : إنّ التوبيخ وإن كان في بدو الأمر بالنسبة إلى أمره ولكنّه يرجع في