وكان السرّ في كون الوقوع المذكور موجبا لذلك أنّه لمّا كان المفروض في المقام التفات كلّ من الآمر والمأمور إلى النهي السابق وعلم الآمر والتفاته إلى التفات المأمور إلى النهي السابق وأنّ حالته حالة انتظار الرخصة فحينئذ لو كان المراد بالأمر غير الرخصة لبعد وروده في تلك الحال.
وهذا نظير ما إذا استأذن الشخص المنهيّ من الناهي ارتكاب ما نهي عنه بقوله : أفعله؟ فقال : افعل. فإنّه يمكن إعراضه عن جوابه وإرادة حكم آخر إلّا أنّه بعيد عن ظاهر المقام فكما أنّ ذلك يوجب ظهور الأمر في مجرّد الرخصة وصرفه عن الوجوب إليه بلا خلاف أجده فكذلك حالة انتظاره للإذن والرخصة مع علم الآمر والتفاته إليها توجب ذلك من غير فرق أصلا فيكون دلالة الأمر على الرخصة من قبيل دلالة التنبيه والإيماء.
ومنشأ ظهور المقام في ذلك ليس هو الغلبة بل إنّما هو ظهور حال الأمر فإنّ الظاهر من حاله حينئذ أنّ غرضه إنّما هو رفع الحظر السابق.
وإنّما قلنا بإفادة الأمر حينئذ مجرّد الرخصة أعني الرخصة النوعيّة التي هي جنس للأحكام الأربعة غير الحرمة مع أنّ ارتفاع النهي يمكن بإرادة أحد الأربعة بالخصوص من الوجوب والندب والكراهة والإباحة الخاصّة لظهور المقام في أنّ المراد بهذا إنّما هو مجرّد رفع النهي السابق فحينئذ لو كان المراد منه أحد الأربعة بالخصوص فليس النظر فيه أصالة إلى رفع النهي السابق وإن كان يرتفع حينئذ تبعا بل النظر إنّما هو إلى إثبات حكم جديد مستقلّ مقابل للحرمة يلزمه تبعا ارتفاع الحظر السابق. (١)
وهذا هو المراد من الإباحة المنسوبة إلى المشهور لا الإباحة الخاصّة وحينئذ
__________________
(١) تقريرات الميرزا ٢ / ٤٩ ـ ٤٧.