المأمور به إنّما يقع بغير صيغة النهي من لفظ : لا بأس ولا حرج ، وأمثالهما ووقوعهما بها نادر جدّا فهذا يوهن إرادة الرخصة من النهي.
ألا ترى أنّه إذا استأذنك أحد في ترك شيء فأردت ترخيصه فإنّما ترخّصه غالبا بقولك : لا بأس ولا حرج وليس عليك وأمثالها وقلّ أن تقول : لا تفعل. بل الإنصاف أنّا لم نظفر باستعمال النهي فيها والنواهي التنزيهيّة إنّما استعملت في المنع ودلّ معها على الرخصة من الخارج كما في الأوامر الندبيّة حيث أنّها مستعملة في الطلب ودلّ معها على الرخصة من الخارج. هذا بخلاف الرخصة في فعل النهي عنه فإنّ الغالب مجيئها بلفظ الأمر فأنصف وتأمّل. (١)
يمكن أن يقال : إنّ ظهور حال الناهي في كونه بصدد بيان أمد الوجوب ظهور نوعيّ أقوى من ظهور النهي فهو يقوى إرادة الرخصة من النهي وإن لم يتعارف ذكر النهي لإفادة الترخيص.
هذا مضافا إلى شيوع النهي عن الطبيب بعد أمره بشيء. كما لو أمر الطبيب بملازمة شرب دواء أو تزريق كلّ يوم. ثمّ قال بعد مدّة :
لا تشربه أو لا تزرقه. ولا فرق بين النهي المولويّ. والنهي الإرشاديّ في الاستظهار المذكور.
ولقد أفاد وأجاد في الوقاية حيث قال : ولا يخفى أنّ هذا لا يختصّ بالأمر بل يشاركه فيه النهي الوارد بعد الأمر فإنّه لا يدلّ غالبا إلّا على رفع الأمر السابق كما لو أمر الطبيب بملازمة شرب الدواء كلّ يوم. ثمّ قال بعد مدّة : لا تشربه. فأنّه لا يدلّ على أزيد من عدم لزوم شربه فتأمّل جيّدا. (٢)
__________________
(١) تقريرات الميرزا ٢ / ٥٤.
(٢) الوقاية / ١٩٥.