المصدر لأنّهما بعد ما عرفت كالمادّة بلا زيادة بالنسبة إلى سائر المشتقّات. (١)
ففيه أوّلا : أنّ الفرق بين المصدر واسمه واضح ودعوى عدم الفرق بينهما كما ترى والفارق هو وجود النسبة الناقصة في المصدر دون اسم المصدر فإنّه حاك عن نتيجة الفعل. ألا ترى الفرق بين التسليم والسلام والتكليم والكلام.
وعليه فلا وجه لإنكار إفادة الهيئة فيهما معنى دواء ما تفيد المادّة لما عرفت من أنّ الهيئة في المصدر واسمه تكون كسائر الهيئات في إفادة المعاني ومن المعلوم أنّ المصدر بماله مادّة وهيئة لا يصلح لأن يكون مادّة لسائر المشتقّات وإلّا لزم عروض الهيئة على الهيئة بل النسبة على النسبة كما لا يخفى.
ولا ملازمة بين كون الوضع في مادّة المشتقّات مستقلّا وكون هيئة المصدر واسمه لا معنى لها لإمكان أن نقول بأنّ مادّة جميع المشتقّات هي التي لا تتلبّس بهيئة حتّى هيئة المصدر واسمه وهي التي تشير إليها بعنوان الضاد والراء والباء في مشتقّات حقيقة الضرب وهذه المادّة من دون أخذ هيئة فيها موضوعة مستقلّا لحقيقة الضرب واعتبرت مادّة لجميع الهيئات الواردة على تلك الحقيقة ومتّحدة معها فهي كالهيولى بالنسبة إلى التكوينيّات كما لا يخفى.
وعليه فمادّة المصادر وأسمائها كسائر المشتقّات تؤخذ من تلك المادّة ومتّحدة معها فإذن صحّ ما استدلّ به صاحب الفصول من أنّ النزاع في الهيئة ، كما قال في نهاية النهاية :
إنّ المادّة بلفظها ومعناها يجب أن تكون محفوظة في طيّ تمام مشتقّاتها فإذا لم تكن خصوصيّة من خصوصيّات المعاني سيّالة بل مختصّة ببعض المشتقّات دون بعض لا جرم تكون الخصوصيّة مستفادة من هيئة ذلك البعض إذ لو كانت مستفادة من
__________________
(١) راجع تهذيب الاصول ١ / ١٠٥ و ١٠٦.