يكون أقلّ مئونة من سائر الأقسام وذلك يكشف عن أنّ المراد هو الطبيعة المرسلة ذاتا وبما أنّ الطبيعة المرسلة على ما تقدّم تكون قابلة لتعلّق الحكم بها بنحو الشيوع البدليّ وبنحو الشيوع الساري يتوقّف تعيين أحدهما على معيّن وحيث أنّ الشيوع البدليّ أقلّ مئونة من الساري يتعيّن الحمل عليه وهو مساوق لكون صرف الوجود مرادا. (١)
وكيف كان فلا يدلّ الأمر لا بمادّتها ولا بهيئتها على المرّة والتكرار.
نعم يتحقّق الامتثال للأمر بوجود الطبيعة أو بإيجاد الطبيعة إذ بعد الإتيان بها في المرّة الاولى سقط الأمر بالطبيعة ويتحقّق الامتثال. ولا مجال للامتثال الآخر بعد سقوط الأمر كما لا يخفى وإن شكّ في أنّ المطلوب هو المرّة أو التكرار فمقتضى أصالة الإطلاق والعموم هو الاكتفاء بالمرّة لصدق الإتيان بالطبيعة مع الإتيان بها مرّة وإن لم يكن إطلاق وعموم فمقتضى أصالة البراءة عن الزائد هو عدم اعتبار الأمر الزائد.
المقام الثالث : في المراد من المرّة والتكرار :
ربما يقع الكلام في أنّ المراد منهما هل هو الدفعة والدفعات أو الفرد والأفراد :
والفرق بين الدفعات والأفراد بأنّ الاولى تحتاج إلى تعدّد الأزمنة وتعاقبها دون الثانية. ذهب صاحب الفصول على ما حكي عنه إلى أنّ النزاع في الدفعة والدفعات واستدلّ له بالتبادر وبأنّه لو اريد بالمرّة الفرد لكان الأنسب بل اللازم أن يجعل هذا المبحث تتمّة للمبحث الآتي من أنّ الأمر هل يتعلّق بالطبيعة أو بالفرد فيقال عند ذلك وعلى تقدير تعلّقه بالفرد هل يقتضي التعلّق بالفرد الواحد أو المتعدّد أو لا يقتضي شيئا منهما ولم يحتج إلى إفراد كلّ منهما بالبحث كما فعلوه وأمّا لو اريد بها
__________________
(١) بدائع الأفكار ١ / ٢٥٩.