وفي قبال صاحب الفصول المحقّق القمّيّ حيث ذهب إلى أنّ النزاع في الفرد والأفراد وأيّده سيّدنا الإمام المجاهد قدسسره بأنّه ليس في الأحكام ما يكون الدفعة والدفعات. (١)
وفيه : أوّلا : أنّ المباحث الاصوليّة لا تبتني على الأحكام الشرعيّة لإمكان حصول النزاع في مفاد الأوامر العرفيّة بكلا المعنيين أي الفرد والأفراد والدفعة والدفعات.
ولذا إذا قال المولى لعبده : زر زيدا ، يقع الكلام في أنّه هل تدلّ صيغة الأمر على لزوم الزيارة دفعة واحدة أو على لزومها بدفعات.
ومن المعلوم أنّ تكرّر الزيارة يحتاج إلى تعدّد الأزمنة وتعاقبها كما إذا قال : أكرم زيدا ، يقع الكلام في أنّه هل تدلّ الصيغة على وجوب إيجاد إكرام واحد أو إيجاد إكرامين أو أزيد ولو كان ذلك في دفعة واحدة وذلك كالقيام والسلام في آن واحد أو أنّها لا تدلّ على شيء من ذلك وإنّما تدلّ على مجرّد طلب المادّة.
وثانيا أنّ حصر أدلّة الأحكام في الفرد والأفراد لا وجه له بعد وجود كلا المعنيين فيها ، ألا ترى أنّ قوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) ، أو قوله تعالى : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) ، ونحوهما يدلّ على وجوب الصلاة أو الصوم عند تعدّد الدلوك أو الرؤية مع أنّهما ممّا يحتاج إلى تعدّد الأزمنة وتعاقبها. وليس هو إلّا الدفعات.
اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ الأزمنة بالنسبة إلى كلّ صلاة أو صوم من المقوّمات فكلّ واحد فرد غير فرد آخر فافهم.
ألا ترى أنّ قوله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ...)
__________________
(١) تهذيب الاصول ١ / ١٧٠.