عرفت صحّة السلب وعدم صدقه على طلب العالي المستدعي لتنزيل نفسه عن مقامه ومع التنزيل المذكور لا يبقى قيد المفهوم ولذا لا يصدق على طلبه حينئذ عنوان الأمر فلا تغفل.
الجهة الثالثة : في اعتبار الإلزام والإيجاب في مادّة الأمر وعدمه
ولا يخفى أنّ مقتضى التبادر هو الأوّل. إذ لا ينسبق من مادّة الأمر التي تكون في اللغة الفارسيّة بمعنى «فرمان دادن» إلّا الطلب الإلزاميّ والإيجابيّ ولذا ذهب إليه صاحب الفصول حيث قال (بعد اختيار كون لفظ الأمر مشتركا بين الطلب المخصوص وبين الشأن) :
ثمّ المراد بالطلب المخصوص طلب العالي من الداني حصول الفعل على سبيل الإلزام.
واستدلّ عليه بالتبادر (١). وتبعه صاحب الكفاية ، وقال : لا يبعد كون لفظ الأمر حقيقة في الوجوب لانسباقه عنه عند إطلاقه. إلى أن قال : وصحّة الاحتجاج على العبد ومؤاخذته بمجرّد مخالفة أمره وتوبيخه على مجرّد مخالفته. كما في قوله تعالى : (ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك). (٢)
قال في الوقاية : لفظ الأمر له ظهور قويّ في الوجوب حتّى أنّ كثيرا من القائلين باشتراك الصيغة بين الوجوب والندب يقولون باختصاص لفظ الأمر بالوجوب والدليل عليه الفهم العرفيّ. (انتهى ملخّصا) (٣)
__________________
(١) الفصول / ٤٩ ط قديم.
(٢) الكفاية ١ / ٩٢.
(٣) الوقاية / ١٧٨.