التي تكون مقسما لاعتبارات الماهيّة ووظيفة المقدّمات رفض القيود وبيان أنّ ما هو مدلول اللفظ يكون تمام الموضوع للحكم ضرورة أنّ المتكلّم إذا ألقى كلاما لمخاطبه ولم يذكر قيدا فلا محالة يكون مدلول اللفظ مرادا ويضاف إلى المقدّمات حكم العقل بعدم إمكان إرادة المقسم لإهماله.
وحينئذ إذا تعلّق الأمر بلفظ فهو يقتضي إيجاد ما يكون مدلولا لذلك اللفظ ومن المعلوم أنّ إيجاد الطبيعة المهملة يتحقّق بإيجاد أحد أقسامها واللابشرط القسميّ أي الطبيعة المرسلة ذاتا يكون أقلّ مئونة من سائر الأقسام وذلك يكشف عن أنّ المراد هو الطبيعة المرسلة ذاتا. وبما أنّ الطبيعة المرسلة على ما تقدّم تكون قابلة لتعلّق الحكم بها بنحو الشيوع البدليّ وبنحو الشيوع الساري يتوقّف تعيين أحدهما على معيّن. وحيث أنّ الشيوع البدليّ أقلّ مئونة من الساري يتعيّن الحمل عليه وهو مساوق لكون صرف الوجود مرادا.
وأمّا إذا صار مدلول اللفظ متعلّقا للنهي فهو يقتضي الزجر عن الطبيعة المهملة أعني تركها ومن المعلوم أنّ ترك الطبيعة المهملة أعني المقسم يتحقّق بترك جميع أقسامها ونتيجة ذلك مطلوبيّة ترك الطبيعة على نحو السريان وقد تحصّل من بيان هذا الوجه أنّ الفرق بين الأوامر والنواهي يكون من جهة اختلاف مقتضى البعث إلى المهملة والزجر عنها. (١)
ولا يخفى عليك أنّ إفادة السريان والاستغراق في طرف النهي لا يحتاج إلى مقدّمات الحكمة حتّى يقال :
يختلف مقتضى المقدّمات في الأمر والنهي فإنّها تقتضي في الأوّل الشيوع البدليّ وفي الثاني الشيوع الساري إذ وقوع المادّة المهملة في حيّز النفي أو النهي المستفاد من
__________________
(١) بدائع الأفكار ١ / ٢٥٨ ـ ٢٥٩.