من زمان خاصّ أو غيره فوزان الزمان وزان المكان وكلاهما كسائر القيود العرضيّة لا يمكن أن يتكفّل الأمر المتعلّق بنفس الطبيعة إثبات واحد منهما لفقد الوضع والدلالة وانتفاء التشابه بين التكوين والتشريع فتدبّر. (١)
وذلك لما عرفت من أنّ الوجوب أيضا ليس داخلا في مفاد الهيئة ولا في مادّتها وإنّما هو أمر منتزع من البعث بعد حكم العقلاء بلزوم الإتيان وهكذا الفوريّة فكما أنّ تعلّق الأمر والبعث بنفس الطبيعة لا ينافي الحكم بلزوم الإتيان وانتزاع الوجوب فكذلك لا ينافي حكم العقلاء بفوريّة الإتيان لأنّ البعث الإنشائيّ عندهم كالبعث الخارجيّ وهذا الحكم ليس حادثا بمرور الزمان بل هو مقارن مع البعث من أوّل الأمر.
قال في نهاية النهاية في مقام الاستدلال على إفادة الفوريّة : إنّ عدم دلالة الأمر على. الفور والتراخي بحسب الوضع الأوّليّ وأمّا بحسب الاستعمالات الشائعة العرفيّة فلا يبعد دعوى الظهور الثانويّ في إرادة الفور العرفيّ المختلف ذلك بحسب اختلاف الأفعال المأمور بها ولذا لا يتأمّل أحد في ذمّ من يسوّف في امتثال أمر مولاه ويؤخّره من حين إلى حين ولا يسمع منه الاعتذار بأنّ الأمر لطلب الطبيعة لا للفور وهذا واضح لمن راجع الأوامر العرفيّة ولو لم تكن مقرونة بقرينة شخصيّة تدلّ على إرادة الفور ولعلّ هذا الظهور الثانويّ ناش من اقتران أوامر المولى غالبا بالحاجة الفعليّة. (٢)
وفيه أنّه وإن أفاد وأجاد في حكم العقلاء بالفوريّة عند صدور البعث من الموالي ومذمّتهم من يسوّف في امتثال أوامرهم وعدم استماعهم للاعتذار ولكنّه لا
__________________
(١) تهذيب الاصول ١ / ١٧٤.
(٢) نهاية النهاية ١ / ١١٦.