الأمر هو البعث والإغراء نحو المأمور به كالإشارة البعثيّة والإغرائيّة ذهب في المقام إلى أنّ مقتضى الإطلاق هو عدم وجوب الفور بعد الفور واستدلّ عليه بقوله ضرورة احتياجه إلى البيان لو كان مرادا للقائل ومع عدمه يتمّ الحجّة للعبد. (١)
لما علمت من أنّ الفور فالفور ليس من قيود المادّة حتّى يحكم بعدمه عند إطلاق المادّة بل هو كالوجوب من الأحكام العقلائيّة عند البعث فإذا لم يقترن بالكلام ما يدلّ على جواز التراخي فمقتضى الإطلاق هو حكم العقلاء بلزوم الإتيان فورا ففورا.
وممّا ذكر في المقام ينقدح ما في المحكيّ عن الميرزا الشيرازيّ قدسسره من أنّ الظاهر أنّ الفور والتراخي من قيود الطلب ومن كيفيّاته فيكون الأوّل نظير تأكّد الطلب والثاني نظير رخصة الترك في الأمر الندبيّ بمعنى أنّ الطلب الفوريّ هو مرتبة من الطلب وهو ما لا يرضى الآمر معه بتأخير الفعل عن اول وقته وكذلك الطلب مع التراخي مرتبة منه وهو ما يكون الآمر معه راضيا بالتأخير كما أنّ الوجوب والندب مرتبتان منه فيكون للطلب مرتبتان من حيث الرضا بالترك وعدمه ومرتبتان من حيث الرضا بالتأخير وعدمه.
فيعبّر عنه من الجهة الاولى بالوجوب والندب ومن الجهة الثانية بالفور والتراخي (لا من قيود المادّة المعروضة للطلب ومن كيفيّتها) .. إلى أن قال :
ويظهر الثمرة بين الاحتمالين في الفور في جواز الاحتياط واستصحاب الوجوب في الآن الثاني على تقدير الترك في الآن الأوّل فعلى الأوّل منهما يجوز كلّ منهما فإنّ المطلوب حينئذ مطلق وبقاء الطلب والوجوب محتمل فيجوز الاحتياط
__________________
(١) تهذيب الاصول ١ / ١٧٦.