والاستصحاب في الآن الثاني على تقدير الترك في الآن الأوّل. وعلى الثاني منهما لا مجرى لشيء منهما فإنّ المطلوب حينئذ هو الفعل مقيّدا بإيقاعه في أوّل الأزمنة والمفروض انتفاء القيد فيرتفع الطلب عن المقيّد يقينا فلا يجري شيء منهما في المقام حينئذ. (١)
وذلك لأنّ مفاد الصيغة كما مرّ سابقا هو البعث لا الإرادة أو الطلب والبعث من الامور الإنشائيّة وهي لا تكون ذا مراتب فلا مجال لدعوى كون الفور من قيوده نظير تأكّد الطلب أو أنّ الطلب الفوريّ هو مرتبة من الطلب والطلب مع التراخي مرتبة اخرى منه كما أنّ الوجوب والندب مرتبتان منه.
فكما أنّ الإشارة البعثيّة الخارجيّة والإغراء الخارجيّ لا تكون ذا مراتب فكذلك إنشاء البعث القوليّ.
وعليه فالفرق بين البعث الوجوبيّ وبين البعث الندبيّ من جهة حكم العقلاء بتماميّة الحجّة على لزوم الإتيان في الأوّل دون الثاني إذ البعث وعدم ذكر الترخيص وكون الداعي من البعث المذكور هو الإرادة الحتميّة موضوع لحكمهم بتماميّة الحجّة على لزوم الإتيان بخلاف ما إذا دلّ الدليل والقرينة على أنّ داعيه منه ليس بإرادة حتميّة كالمستحبّات فإنّ العقلاء لم يحكموا حينئذ بلزوم الإتيان كما لا يخفى.
فاستعمال صيغة الأمر في الندب كاستعماله في الوجوب وإنّما الاختلاف بينهما في الدواعي فإنّ الداعي في الوجوب هو الإرادة الحتميّة دون الندب وهكذا استعمال صيغة الأمر في الفور كاستعماله في التراخي وإنّما الاختلاف في ناحية الإرادة والدواعي فالمستعمل فيه في الوجوب والندب والفور والتراخي واحد فلا مجال لدعوى التقييد
__________________
(١) تقريرات الميرزا ٢ / ١٢٣ ـ ١٢٤.