الفصل الثالث : في الإجزاء
وقبل الخوض في تفصيله لا بدّ أن نلاحظ امورا :
«أحدها :» أنّ أصحابنا الاصوليّين اختلفوا في تحرير محلّ النزاع فعنونه جمع منهم بأنّ الإتيان بالمأمور به على وجهه هل يقتضي الإجزاء أم لا؟
وعنونه صاحب الفصول تبعا عن الأكثرين على المحكي بأنّ الأمر بالشيء إذا اتي به على وجهه هل يقتضي الإجزاء أو لا؟
واختار الأوّل صاحب الكفاية حيث قال : الإتيان بالمأمور به على وجهه يقتضي الإجزاء في الجملة بلا شبهة.
واستوجهه المحقّق الأصفهانيّ بأنّ الإجزاء من مقتضيات إتيان المأمور به وشئونه لا من مقتضيات الأمر ولواحقه بداهة أنّ مصلحة المأمور به المقتضية للأمر إنّما تقوم بالمأتيّ به فتوجب سقوط الأمر إمّا نفسا أو بدلا فاقتضاء سقوط الأمر قائم بالمأتيّ به لا بالأمر ومجرّد دخالة الأمر كي يكون المأتيّ به على طبق المأمور به لا يوجب جعل الأمر موضوعا للبحث بعد ما عرفت من أنّ الاقتضاء من شئون المأتيّ به لا الأمر فجعل الأمر موضوعا وإرجاع الاقتضاء إليه بلا وجه. (١)
هذا مضافا إلى ما في تهذيب الاصول من أنّ جعل النزاع في دلالة لفظ الأمر
__________________
(١) نهاية الدراية ١ / ٢٢١.