فطلبه مع ذلك طلب الحاصل ولا يشكّ في امتناعه العاقل. (١)
فإذا لم يكن ذلك محلّ النزاع فلا بدّ أن يكون النزاع في أنّ الإتيان بالمأمور به بالأمر الاضطراريّ أو الأمر الظاهريّ هل يكون مجزيا عن الأوامر الواقعيّة أم لا؟
وهذا النزاع كما صرّح به سيّدنا الإمام المجاهد قدسسره في بعض كلماته يرجع لا محالة إلى النزاع في دلالة الأوامر الاضطراريّة والظاهريّة على الإجزاء بتنقيح موضوع الأوامر الاختياريّة والواقعيّة بنحو الحكومة فيلاحظ لسان أدلّتها بأنّه هل تدلّ على التوسعة في المأمور به أو لا؟ (٢)
وهذا النزاع أمر معقول وليس من المباحث العقليّة إذ البحث حينئذ في أنّ إطلاق أدلّة اعتبار الأوامر الاضطراريّة أو الظاهريّة هل يكون في مقام بيان إجزاء الأوامر الاضطراريّة أو الظاهريّة عن الأوامر الواقعيّة أم لا؟
ومن المعلوم أنّ هذا البحث يكون من مباحث الألفاظ ولا ارتباط له بدلالة نفس الأمر على الإجزاء بالمطابقة أو التضمّن أو الالتزام حتّى يقال أنّه خلاف الوجدان بل البحث في مفاد أدلّة اعتبار الأوامر.
اللهمّ إلّا أن يقال كما في تهذيب الاصول : إنّ جعل البحث في الأمر الظاهريّ أو الواقعيّ الثانويّ في الدلالات اللفظيّة من التوسعة وتنقيح الموضوع بالحكومة ممّا أحدثه المتأخّرون من الاصوليّين فلا يجوز حمل كلام القوم عليه. (٣)
هذا مضافا إلى ما في الكفاية من قوله : نعم لكنّه لا ينافي كون النزاع فيهما (أي الأمر الاضطراريّ والظاهريّ) كان في الاقتضاء بالمعنى المتقدّم (أي الاقتضاء بنحو
__________________
(١) الوقاية ١ / ١٩٦.
(٢) تهذيب الاصول ١ / ١٧٨.
(٣) تهذيب الاصول ١ / ١٧٨.