وجود الأوامر الواقعيّة مع الأوامر الاضطراريّة :
ولا يخفى أنّ ظاهر كلامه هو الفراغ عن وجود الأوامر الواقعيّة وكون الأوامر الاضطراريّة في طولها.
أورد عليه في نهاية الاصول بأنّ مراجعة التكاليف الاضطراريّة الثابتة في شريعتنا ترشدك إلى أنّ ما ذكره (طاب ثراه) لا يرتبط أصلا بما هو الثابت من التكاليف الاضطراريّة لكون ما ذكره مبتنيا على أن يكون لنا أمران مستقلّان.
أحدهما واقعيّ أوّليّ والآخر اضطراريّ ثانويّ.
فينازع حينئذ في كفاية امتثال أحدهما عن امتثال الآخر مع أنّ الأمر في التكاليف الاضطراريّة ليس كذلك على أنّه لو كان الأمر كذلك لم يكن معنى لكفاية امتثال أمر عن أمر آخر إذ كلّ أمر وتكليف يقتضي امتثالا على حدة.
وإنّما المتحقّق في التكاليف الاضطراريّة الثابتة في شرعنا أن يتوجّه أمر واحد من الشارع متعلّقا بطبيعة واحدة مثل الصلاة متوجّها إلى جميع المكلّفين غاية الأمر أنّ الأدلّة الشرعيّة الأخر دلّت على اختلاف أفراد هذه الطبيعة باختلاف الحالات الطارئة على المكلّفين وأنّ كلّ واحد منهم قد وجب عليه إيجاد هذه الطبيعة في ضمن ما هو فرد لها بحسب حاله مثلا الأدلّة الشرعيّة دلّت على أنّ الناس كلّهم من القادر والعاجز والصحيح والسقيم وواجد الماء وفاقده مكلّفون بإتيان الصلوات الخمس في أوقاتها ومندرجون تحت قوله تعالى : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ). وما وجب على كل واحد منهم في هذا المقام هو إيجاد طبيعة الصلاة لا غير.
غاية الأمر إنّه دلّت الأدلّة الأخر على أنّ الصلاة في حقّ واجد الماء مثلا عبارة من الأفعال المخصوصة مقرونة بالطهارة المائيّة وأنّ الصلاة في حقّ فاقده عبارة عن هذه الأفعال مقرونة بالطهارة الترابيّة وكذلك الصلاة في حقّ القادر على القيام مشروطة بالقيام وفي حقّ العاجز عنه مشروطة بالقعود مثلا.