وبالجملة : المستفاد من الأدلّة أنّ فاقد الماء أيضا مثل واجده في أنّ المتوجّه إليه أمر واحد وهو قوله تعالى : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) ولم يتوجّه إليه أمران : (واقعيّ أوّليّ وواقعيّ ثانويّ) حتّى ينازع في كفاية امتثال أحدهما عن الآخر ولم يكلّف أيضا بإيجاد فردين من طبيعة واحدة حتّى نبحث في كفاية الفرد الاضطراريّ عن الفرد الاختياريّ بل الذي وجب عليه هو إيجاد طبيعة الصلاة بإيجاد فرد منها.
غاية ما في الباب أنّ فرد الصلاة بالنسبة إلى الفاقد هو الصلاة مع التيمّم كما أنّ الصلاة في حال القعود أو الاضطجاع أو المشي أو الركوب أيضا فرد الطبيعة المأمور بها بقوله : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) ولكن بالنسبة إلى العاجز عن القيام أو عنه وعن القعود أو عن الاستقرار.
وعلى هذا فإذا أتى كلّ واحد من المكلّفين ما هو مقتضى وظيفته فقد أوجد الطبيعة المأمور بها وامتثل قوله تعالى : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ).
ولازم ذلك هو الإجزاء وسقوط الأمر قهرا إذ لا يعقل بقاء الأمر بعد إتيان متعلّقه. انتهى (١)
وتبعه في تهذيب الاصول أيضا حيث قال : ولعمري أنّ هذا هو الحقّ الصراح حفظا لظواهر الأدلّة. إلى أن قال :
فإذن ليس هنا إلّا أمر واحد تعلّق بطبيعة الصلاة وإنّما القيود من خصوصيّات المصاديق إذ قوله تعالى :
(أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) يدلّ على وجوب الطبيعة في هذا الوقت المضروب لها ثمّ دلّ دليل على اشتراطها بالطهارة المائيّة في حال الاختيار ، واشتراطها بالترابيّة عند فقدانها بحيث يكون المأتيّ بالشرط الاضطراريّ نفس
__________________
(١) نهاية الاصول ١ / ١١٥.