الطبيعة التي يأتيها المكلّف بالشرط الاختياريّ بلا اختلاف في المتعلّق والطبيعة والأمر كما هو ظاهر قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) إلى أن قال سبحانه : (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) فإنّ ظاهرها أنّ الصلاة التي سبق ذكرها وشرطيّتها بالطهارة المائيّة يؤتى بها عند فقد الماء متيمّما بالصعيد وأنّها في هذه الحالة عين ما تقدّم أمرا وطبيعة. (١)
وفيه أوّلا : إنّ ما ذهب إليه في نهاية الاصول يبتني على مختاره من أنّ لفظ الصلاة اسم للتخضّع أو التوجّه من المعاني البسيطة وعليه فالمأمور به للجميع هو التخضّع أو التوجّه وهو ينطبق بحسب الأحوال على كلّ ما يقتضيه حال الفرد وأمّا بناء على المختار كما مرّ في محلّه من أنّ المتبادر من الصلاة هي «الهيئة التركيبيّة الجامعة للأجزاء والشرائط الدخيلة في باعثيّة المولى نحو الأمر بها» فالمأمور بها في الصلاة هي الهيئة التركيبيّة وحينئذ يدور الأمر بين أن يكون المبعوث إليه مهملا أو مجملا أو ما يكون واجدا لشرائط المختار كما يؤيّده قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : صلّوا كما رأيتموني اصلّي ، فلا مجال للأوّلين بعد البعث والأمر بها فانحصر الأمر في كون المبعوث إليه للجميع هو الصلاة الكاملة وهي صلاة المختار وعليه فالأدلّة الاخرى الدالّة على أنّ فاقد الماء يتيمّم أو العاجز عن القيام يجلس وهكذا ، تدلّ على الإبدال وما يقوم مقام الصلاة الكاملة في الأوامر الواقعيّة التي كانت متوجّهة إلى جميع المكلّفين.
وممّا ذكرنا يظهر أنّه لا تكون صلاة المضطرّ والمعذور في عرض صلاة المختار بل في طولهما كما لا يخفى.
وثانيا : أنّ لسان أدلّة الاضطرار كنفي الحرج والضرر ورفع الاضطرار والتقيّة هو لسان الحكومة ومعناها هو كونها ناظرة إلى الأدلّة الأوّليّة ومقتضى ذلك هو
__________________
(١) تهذيب الاصول ١ / ١٨١.