وجود الأحكام الأوّليّة في مواردها وإلّا لزم الخلف في كونها ناظرة إليها.
وعليه فليس مفاد أدلّة الاضطرار كمفاد أدلّة التخصيص التي تخرج الأفراد عن تحت مادّة العموم بحيث لا يبقى للعموم بالنسبة إليها اقتضاء بل مفادها هو التصرّف في هيئة الأوامر الأوّليّة لسقوطها عن الفعليّة من باب حكمة الامتنان ولذا أفتوا بصحّة الوضوء والغسل مع الجهل والغفلة بكونهما ضرريّين في الواقع.
قال في العروة : الشرط السابع : أن لا يكون مانع من استعمال الماء من مرض أو خوف أو عطش أو نحو ذلك وإلّا فهو مأمور بالتيمّم ولو توضّأ والحال هذه بطل ولو كان جاهلا بالضرر صحّ وإن كان متحقّقا في الواقع والأحوط الإعادة أو التيمّم. وقال أيضا بمثله في الغسل فراجع.
فلو كان مقتضى أدلّة الاضطرار هو التنويع وإخراج مورد الاضطرار فلا وجه للصحّة مع الجهل والغفلة وليس ذلك إلّا لكون مفاد أدلّة الاضطرار هو التصرّف في ناحية هيئة الأوامر الأوّليّة لا في مادّتها كأدلّة التخصيص.
ويؤيّد ذلك أيضا ما ذهبوا إليه في باب ترك التقيّة في المعاملات حيث قالوا لو ترك المكلّف التقيّة وأتى بالعمل على طبق الوظيفة الواقعيّة فيما تقتضي التقيّة إظهار الموافقة معهم فإن كان ذلك في المعاملات كما إذا فرضنا أنّ التقيّة اقتضت الطلاق من غير شهادة العدلين والمكلّف قد ترك التقيّة وطلّق زوجته عند العدلين وشهادتهما فلا إشكال إذا كان جاهلا بل لا إشكال فيما إذا كان عالما أيضا لأنّ ترك التقيّة وإن كان محرّما إلّا أنّ النهي في المعاملات لا بعنوانها بل بعنوان آخر لا دلالة له على الفساد وحيث أنّ المعاملة مشتملة على جميع القيود والشروط فلا محالة تقع المعاملة صحيحة وإن كان المكلّف قد ارتكب معصية بل الأمر كذلك في العبادات فيما إذا لم يكن العمل المأتيّ به على خلاف التقيّة من أجزاء العبادة وشرائطها فلو خالف التقيّة وترك التأمين أو التكثّف فالظاهر صحّة عمله لموافقته للوظيفة الواقعيّة غاية الأمر أنّه