تبادر الصدر في الحكومة بالتقريب المذكور فلا تغفل.
لا يقال : إنّ الحكومة المذكورة تتوقّف على كون مفاد الاصول هو جعل المماثل للأحكام ولكن جعل المماثل ممنوع بعد عدم إمكان تصوير جعل المماثل في العدميّات كاستصحاب عدم الحرمة إذ لا معنى للجعل فيها إذ العدم عدم من دون حاجة إلى جعل وسبب وبعد عدم إمكانه أيضا فيما إذا لم يكن للموضوع سابقا أثر شرعيّ كاستصحاب بقاء زيد لجواز التقليد عنه فإنّ جواز التقليد أثر شرعيّ ولكنّه مترتّب على بقائه في الأزمنة المتأخّرة ومن المعلوم أنّ في الفرض المذكور لا حكم قبلا حتّى يمكن جعل مماثله بالاصول الظاهريّة فمفاد قاعدة الطهارة ونحوها من الاصول الظاهريّة ليس إلّا الأمر بالمعاملة مع المشكوك معاملة الطاهر الواقعيّ مثلا في الآثار التي يترتّب عليها ما دام الشكّ باقيا فإذا زال الشكّ رتّب آثار الواقع وعليه فلا مورد للجعل المماثل للأحكام حتّى يكون حاكما بالنسبة إلى مماثلها.
لأنّا نقول : لا فرق في دعوى التبادر المذكور بين كون مفاد الاصول هو جعل المماثل أو ترتيب الآثار لما عرفت من أنّ أمر المكلّف الذي يكون بصدد امتثال تكاليفه الواقعيّة بترتيب آثار الطهارة الواقعيّة على المشكوك فيه بلسان تحقّق الطاهر يوجب الانفهام العرفيّ بأنّ الصلاة المشروطة بالطهارة يجوز الإتيان بها في حال الشكّ بهذه الكيفيّة بحيث يكون المأتيّ به مع هذه الكيفيّة مصداقا للصلاة المأمور بها وواجدا لما هو شرطها وهذا هو معنى الإجزاء ولا يتوقّف ذلك على جعل المماثل كما لا يخفى.
فتحصّل أنّ الأظهر هو حكومة الاصول الظاهريّة على الأحكام الأوّليّة وأدلّة الشروط والجزئيّة والمانعيّة وقد عرفت تقريب الحكومة بالنسبة إلى قاعدة الطهارة وقاعدة الحلّيّة.
ثمّ إنّ تقريب الحكومة في الاستصحاب بناء على كونه أصلا غير محرز كتقريب القاعدتين لأنّ مفاد الاستصحاب كما في تهذيب الاصول متّحد مع ما مرّ من قاعدتي