اللهم إلّا أن يقال : إنّ عنوان ما لا يعلمون في قوله صلىاللهعليهوآله : «رفع عن أمتي تسعة أشياء : الخطأ والنسيان وما أكرهوا عليه وما لا يطيقون وما لا يعلمون وما اضطرّوا إليه».
الحديث ناظر إلى الواقع وكأنّ الشارع قال : ما لا يصل إليه الناس بالعلم الحقيقيّ مرفوع عنهم وهو يجتمع مع علمهم بالخلاف أو جهلهم كما أنّ الخطأ عنوان لوحظ بالنظر إلى الواقع فيجتمع مع العلم بعدم وجوب فعل فتركه فإنّ الحديث يشمله.
وبالجملة فرق بين أن يقال : ما جهلتم به وشككتم فيه فهو مرفوع وبين أن يقال : ما لا يعلمون مرفوع فالأوّل ظاهر فيما جهلتم به رأسا ويكون مفاده منحصرا في الأصل ولا مجال له مع الأمارة كما عرفت ولكنّ الثاني أعمّ من الأوّل ويكون مورد الجهل رأسا أحد موارده لأنّه فيه لم يعلم بالواقع كما أنّه كذلك فيما إذا كان جاهلا مركّبا فإنّه مع تخيّله عالما بالواقع لم يعلم بالواقع حقيقة ولم يصل إليه فيشمله عنوان ما لا يعلمون.
وهكذا فيما إذا قامت أمارة على العدم لم يصل أيضا إلى الواقع ولم يعلم به وإن حكم في حقّه بقيام الأمارة على العدم أنّه عالم بالواقع وواصل إليه تعبّدا فإنّه مع ذلك يشمله عنوان ما لا يعلمون بعد اختصاصه بما إذا لم يعلم به حقيقة.
وبعبارة أخرى : حديث الرفع لم يكن لسانه مقيّدا بصورة الشكّ حتى لا يشمل الجاهل المركّب ومن قامت عنده أمارة على العدم بل هو مطلق ويشمل الموارد الثلاثة.
ألا ترى أنّا إذا رأينا جمعا ذهبوا للتفحّص عن شيء وبعد الرجوع ادّعى أحدهما أنا أعلم بأنّه ليس في الدار الشيء الفلاني وادّعى الثاني أنا أسمع من العدول أنّه ليس في الدار شيء وقال الثالث : أنا أشكّ في كونه هناك وعدمه ونحن علمنا