عقلائيّة متحقّقة في عالم الاعتبار بحسب اعتبارات العقلاء ـ إلى أن قال ـ : والذي يسهّل الخطب أنّ النزاع في بيان المجعول وإتعاب النفس في تعيّنه إنّما يصحّ فيما إذا كان هناك جعل في البيّن مع أنّه ليس في باب الأمارات جعل من قبل الشارع أصلا وإنّما هي طرق عقلائيّة دائرة بينهم في مقام الاحتجاج واللجاج غاية الأمر عدم ردع الشارع عنها بحيث يكشف عن إمضائه ورضايته وليس للعقلاء أيضا في هذا الباب جعل لأحد هذه الأمور من الطريقيّة ونظائرها (١) وسيأتي إن شاء الله إنّ المعذريّة ليست أثرا للأمارة فيما إذا خالفت للواقع بل هي أثر عدم وصول الواقع والجهل به سواء علم بخلافه أم لا وسواء قامت الأمارة على خلافه أم لا.
فتحصّل أنّه لا جعل في البيّن فالطريقيّة أو الحجّيّة ليستا بمجعولتين بل المستفاد من الأمارات والطرق هو ما عليه العقلاء من الاكتفاء بها في مقام الاحتجاج واللجاج وترتيب آثار الواقع عليها فيترتّب على اعتبارها ووجوب ترتيب آثار الواقع على مؤدّاها الطريقيّة أو الحجّيّة وعليه فإذا استظهر منها أنّ الأمارات أو الطرق ناظرة إلى الواقع بلسان تبيّن ما هو وظيفة الشاكّ في إجزاء التكليف الواقعيّ المعلوم وشرائطها فهي حاكمة بالنسبة إلى التكليف الواقعيّ وموجبة لسقوط الواقعيّ عن الفعليّة وكون العمل بها مجزيا عن الواقع.
وثانيا : إنّ قوله عليهالسلام فإنّه لا عذر لأحد من موالينا في التشكيك فيما روى عنّا ثقاتنا قد عرفوا بأنّنا نفاوضهم بسرّنا ونحمله إيّاه إليهم وعرفنا ما يكون من ذلك (٢).
بناء على تماميّة سنده لا تتمّ دلالته لاحتمال أن يكون المراد من قوله عليهالسلام لا عذر هو وجوب التصديق حيث أسند العذر المنفيّ إلى التشكيك ولم يجعل الطريق معذّرا حتّى يدلّ بالالتزام على المنجّزيّة.
__________________
(١) ج ٢ / ٤٥٨.
(٢) جامع الاحاديث : ١ / ٢٢٢.