لا يختلف باختلاف الألفاظ واللغات ولكن يعبّر عنه بالألفاظ ويكون مدلولا للكلام اللفظيّ وغيره.
٣ ـ إنّ الدالّ على الكلام النفسيّ لا يكون منحصرا باللفظ إذ قد يدلّ عليه بالإشارة والكتابة كما يدلّ عليه بالعبارة.
٤ ـ إنّ الخبر هو الكلام النفسيّ لا العلم والدليل عليه أنّ الرجل قد يخبر عمّا لا يعلمه بل يعلم خلافه أو يشكّ فيه.
٥ ـ إنّ المعنى النفسيّ الذي هو الأمر والطلب غير الإرادة لأنّه يأمر الرجل بما لا يريده كالمختبر لعبده هل يطيعه أم لا فإنّ مقصوده مجرّد الاختبار دون الإتيان بالمأمور به وكالمتعذّر من ضرب عبده بعصيانه فإنّه قد يأمره وهو يريد أن لا يفعل المأمور به ليظهر عذره عند من يلومه.
وبعد اتّضاح حقيقة ما ذهبوا إليه فليعلم أنّه استدلّ لمختارهم بأمور :
الأوّل : إنّ الكلام النفسيّ أمر وراء العلم والدليل عليه أنّ الرجل قد يخبر عمّا لا يعلمه بل يعلم خلافه أو يشكّ فيه.
فمنه يظهر أنّ الخبر هو النسبة الحكميّة بين الموضوع والمحمول والمراد منها هو حكم النفس وإذعانها بها وهو غير انكشاف ثبوت شيء لشيء والإذعان بالوقوع المأخوذ في الجمل الخبريّة ليس هو العلم الواقعيّ بوقوع النسبة ضرورة أنّه قد يخبر المتكلّم وهو شاكّ بل قد يخبر وهو عالم بعدم الوقوع بل المراد منه هو عقد القلب على الوقوع جعلا على نحو ما يكون القاطع معتقدا وهو الذي يعبّر عنه بالتجزّم.
والحاصل أنّه كما أنّ العلم قد يتحقّق في النفس بوجود أسبابه فكذلك قد يخلق النفس حالة وصفة على نحو العلم حاكية عن الخارج فإذا تحقّق هذا المعنى في الكلام يصير جملة ويصحّ السكوت عليها لأنّ تلك الصفة الموجودة تحكي جزما عن تحقّق النسبة في الخارج ويتّصف الكلام بالقابليّة للصدق والكذب بالمطابقة والمخالفة.