وعليه فيمكن القول بوجود الكلام النفسيّ فإنّه إيجاد نسبة بين الموضوع والمحمول سواء كان في الخارج أم لا كما مال اليه بعض الأشاعرة وهو الخبر.
يمكن أن يقال كما أفاد المحقّق الأصفهانيّ : إنّ النسبة التي دلّت الجملة عليها ليست شيئا آخر وراء العلم إذ النسبة المتصوّرة بين المحمول والموضوع أعني «هذا ذاك» في الخارج تقوم بالنفس لا بنفسها بل بصورتها فهي كالمعلومات الأخر من حيث أنّ قيامها قيام علميّ لا كقيام العلم والذي يجب على الأشعريّ إثباته قيام شيء بالنفس بنفسه على حدّ قيام العلم والإرادة لا على حدّ قيام المعلوم والمراد فإنّ هذا القيام لا يوجب صفة اخرى بالنفس حتّى ينفع في إثبات الكلام القائم بذاته تعالى وراء علمه وسائر صفاته العليا.
نعم هنا امر آخر له قيام بالنفس بنفسه وهو نحو من الوجود النوريّ القائم بالنفس قيام المعلول بعلّته لا قيام العرض بموضوعه وقد اشرنا اليه سابقا وهذا المعنى وان لم يبلغ اليه نظر الأشعريّ إلّا أنّه مجد في تعقّل أمر غير العلم والارادة وارتباطه بالكلام ايضا ظاهر كما عرفت سابقا إلّا أنّه لا يجدي للاشعريّ لأنّه يجعله مدلولا للكلام اللفظيّ وحقيقة الوجود كما عرفت لا يقبل المدلوليّة للكلام بنفسه لأنّ المدلوليّة ليست إلّا بحصوله في المدارك الإدراكيّة والوجود لا يقبل وجودا آخر سواء كان العارض من سنخ المعروض ام لا ، فتدبّر (١).
فتحصّل أنّ الخبر هو الكلام اللفظيّ وأنّ مدلوله هو النسبة وأمّا التصوّر والتصديق والجزم والتجزّم والإقرار والإذعان كلّها خارجة عن مدلول الكلام لا يقال :
إنّ النسبة المتصوّرة نسبة ناقصة لا يصحّ السكوت عليها وأنّ مدلول الجملة
__________________
(١) نهاية الدراية ١ : ١٥٥ ـ ١٥٩).