الأمر الرابع : في إجزاء الأمارات بعد كشف خلافها بغير اليقين
ويقع الكلام في جهات :
الجهة الأولى : إنّه لو تبدّل الاجتهاد السابق إلى اجتهاد آخر يخالفه فهل يجزي الاجتهاد السابق أم لا؟
ولا يخفى عليك أنّ مقتضى ما مرّ في الأمر الثالث من إجزاء الأمارات والاصول هو الإجزاء في المقام أيضا لأنّ مقتضى حكومة أدلّة اعتبار الاصول والأمارات بالنسبة إلى الأوامر الواقعيّة قبل حدوث الاجتهاد اللاحق هو تحقّق الامتثال بالنسبة إلى الطبيعة المأمور بها ومع تحقّق الامتثال وتقبّل ما قامت عليه الاصول والأمارات مكان الأوامر الواقعيّة فلا يبقى أمر واقعيّ حتّى يبحث عن سقوطه أو عدمه والاجتهاد اللاحق لا يدّل على عدم حجّيّة الأمارات والاصول في ظرفها بل تدلّ على انتهاء أمرها إذ مفروض البحث ليس فيما إذا كشف بطلان الاجتهاد السابق في ظرفه كما إذا توهّم الظهور مع أنّه لا ظهور أو توهّم صحّة الرواية مع أنّه لا صحّة لها وغير ذلك لأنّه خارج عن محلّ النزاع كما عرفت في الأمر الأوّل إذ معه لا أمر ظاهريّ حتّى يبحث عن أجزائه وعدمه بل الكلام فيما إذا تمّ الاجتهاد السابق في ظرفه كما إذا أفتى على طبق العموم بعد الفحص اللازم عن مخصّصه وعدم الظفر به ثمّ ظهر بعد العمل بما أفتى به مخصّص أو أفتى بطهارة شيء من جهة قاعدة الطهارة وعدم معلوميّة الحالة السابقة ثمّ وجد ما يدلّ على نجاسته كالاستصحاب مثلا كما إذا علم أنّ حالته السابقة هي النجاسة.
ومن المعلوم أنّ الاجتهاد السابق في ظرفه كان حجّة وأدلّة حجّيّة الأمارات