الطبيعة المأمور بها واقعا وإنّما الفرق في الأعمال اللاحقة فإنّ الحجّة اللاحقة إن كانت راجحة بالنسبة إلى السابقة فاللازم هو تطبيق العمل على الحجّة اللاحقة إذ مع ترجيحها وتقديمها على السابقة لا مجال للسابقة في الأعمال الآتية وإن كانت الحجّة اللاحقة متساوية ومتعارضة مع السابقة ، فمقتضى القاعدة في تعارض الأخبار هو التخيير بينهما.
فإن قلنا بالتخيير البدويّ لزم العمل على طبق الحجّة السابقة بعد الأخذ بالسابقة كما هو المفروض.
وإن قلنا بالتخيير الاستمراريّ فله العمل بالسابقة كما له العمل باللاحقة ومقتضى أدلّة الاعتبار وحكومتها على الأحكام الواقعيّة هو الحكم بكفاية ما أتى به طبقا لأيّ منها فلا يجب عليه الإعادة والقضاء بعد عدوله عمّا سبق وأخذه بما لحق أو عدوله عمّا لحق وأخذه بما سبق كما هو مقتضى التّخيير الاستمراريّ لكفاية كلّ منهما بالنسبة إلى الأوامر الواقعيّة بعد ما عرفت من حكومة أدلّة الاعتبار.
وممّا ذكر يظهر ما في بدائع الأفكار حيث ، قال : نعم لو عثر المكلّف على حجّة على خلاف الرأي الأوّل تساوي الحجّة عليه في الخصوصيّات المعتبرة في الحجّة وقع التعارض بينهما وحينئذ يلزم الرجوع إلى القواعد المقرّرة عند تعارض الحجّتين المتساويتين من التخيير أو السقوط والرجوع إلى الاصول ففي مورد التخيير إن قلنا بالتخيير البدويّ لزم العمل على طبق الحجّة الأولى والأخذ بالرأي الأوّل.
وإن قلنا باستمرار التخيير فإن اختار المكلّف البقاء على الأخذ بالرأي الأوّل صح عمله سابقا ولاحقا وإن عدل عنه آخذا بالحجّة الثانية صحّ عمله الجاري على طبقها وكشف صيرورتها حجّة عليه باختيارها عن فساد أعماله السابقة الجارية على