الخبريّة هو الجزم بالنسبة أو التجزّم بها فيما إذا كان المخبر شاكّا أو معتقدا لخلافها فتوجد النفس صفة علم وجزم بالنسبة ويخبر عنها. لأنّا نقول كما في تعليقة المحقّق الأصفهانيّ قدسسره بأنّ ثبوت القيام لزيد الذي هو مدلول الجملة ليس هو هذا المفهوم الاسميّ فأنّه عنوان النسبة لا نفسها بل هو النسبة الحرفيّة التي هي معنون هذا المفهوم وهو معنى يصحّ السكوت عليه في حدّ ذاته وهذا المعنى الذي يصحّ السكوت عليه ربّما يتصوّر بتصوّر طرفيه وربما يجزم به فتماميّة النسبة ونقصها وإن لم تكن بلحاظ الخارج لأنّها نحو واحد بل بحسب مدلوليّتها للكلام فقد يكون مدلولا بمقدار لا حالة منتظرة للسامع وقد لا يكون كذلك. نعم إذا كان بمقدار لا يصحّ السكوت عليه لا يقبل التصديق لا أنّ ما يصحّ السكوت عليه يتقوّم بالتصديق ومنه يعلم أنّه لا حاجة إلى التجزّم الذي هو بظاهره غير معقول إلّا بالحمل على البناء على وقوع النسبة وهو فعل قلبيّ مرّ الكلام فيه وفي امثاله. انتهى (١)
هذا مضافا إلى أنّ التجزّم مسبوق بتخيّل النسبة في الخارج والبناء عليه وكيف كان فالتجزّم ليس بمدلول للكلام اللفظيّ.
الثاني : إنّ الطلب النفسانيّ أمر وراء الإرادة حيث أنّ الأوامر الامتحانيّة والاعتذاريّة محتاجة إلى وجود سبب في نفس المتكلّم وبدونه لا وجه لتحقّقها وحيث لا إرادة ولا الجدّ لها في نفس المتكلّم عند تلك الأوامر فلا بدّ من وجود صفة اخرى لتكون هي الباعثة للأوامر المذكورة وهذه الصفة تسمّى بالطلب النفسيّ فإذا ثبت ذلك في الأوامر الامتحانيّة ثبت وجوده في جميع الأوامر ، لعدم القول بالفصل.
وفيه كما في نهاية الاصول : أنّ المنشأ للأوامر مطلقا هو الإرادة غاية الأمر أنّ المنشأ للأوامر الجدّيّة إرادة نفس المأمور به والمنشأ للأوامر الامتحانيّة إرادة إتيان
__________________
(١) نهاية الدراية ١ / ١٥٩ ـ ١٦٠.