العقلائيّة لجعل المؤدّى عين ولا أثر (١).
لأنّا نقول : إنّ العبرة بأدلّة اعتبار السيرة العقلائيّة لا بنفس السيرة العقلائيّة وقد عرفت أنّ المتبادر من إمضاء الشارع لارتكاز العقلاء في الرجوع إلى العالم لمن كان في صدد الامتثال للتكاليف الواقعيّة هو قناعة الشارع في امتثال الواقعيّات بالطريق الارتكازيّ العقلائيّ كما هو كذلك في اعتبار الأخبار الآحاد مع أنّ الركون والاعتماد على الثقات أيضا ممّا ارتكز عليه العقلاء ولا فرق في ذلك بين الطريقيّة أو السببيّة كما مرّ مبسوطا في إجزاء الأمارات ، فراجع.
ربّما نسب إلى الشيخ الأعظم قدسسره أنّه ذهب إلى وجوب الإعادة والقضاء مستدلّا بأنّ الفتوى كالخبر فكما أنّ الخبر مثلا حجّة في مضمونه وهو لا يختصّ بزمان دون زمان كذلك حكم المفتي الثاني لا يختصّ بزمان دون زمان والحكم المطلق وإن كان يتنجّز فعلا لا قبلا إلّا أنّ أثر تنجّزه فعلا تدارك ما فات منه قبلا فلا موجب لتخصيص تأثيره بالوقائع المتجدّدة.
ولكن يرد عليه أوّلا أنّه لا مجال لتأثير الثاني بعد ما عرفت من أنّ الرأي الأوّل حجّة في زمانه ومقتضى أدلّة اعتباره هو حكومته بالنسبة إلى الأدلّة الأوّليّة وسقوط الأوامر الواقعيّة بإتيان الأعمال طبقا للرأي الأوّل فإنّ مع الرأي الأوّل والعمل به لا يبقى الطبيعة المأمور بها حتّى يؤثّر فيها الرأي الثاني وإن كان مطلقا فإنّ إطلاق الرأي الثاني يفيد فيما لم يمتثل لا فيما امتثل كالحكومة التي عرفتها في الاصول الظاهريّة بالنسبة إلى الأحكام الواقعيّة.
وبالجملة إن تمّ تقريب الحكومة في الاصول الظاهريّة تمّ ذلك التقريب في الأمارات أيضا ومنها الفتاوى وآراء المجتهدين فكما أنّ ظهور الخلاف في الاصول
__________________
(١) ٢ / ٢٨٥.