ومع دلالة الإطلاقات الأوّليّة على حجّيّة التخييريّة يمكن الأخذ بإطلاقها لجواز العدول إلى فتوى المجتهد الثاني إن تمّ الإطلاق المذكور وإلّا فباستصحاب التخيير بعد الأخذ برأي المجتهد الأوّل وعليه فيصير المقام نظير الخبرين المتعادلين في دلالتهما على الإجزاء بالإطلاق المقاميّ كما أشار إليه المحقّق الأصفهانيّ في آخر عبارته وبقيّة الكلام في محلّه هذا فالأولى في الإيراد على الشيخ قدسسره هو الاقتصار على ما ذكرناه من أنّ بعد حجّيّة الرأي الأوّل في ظرفها ودلالة أدلّة اعتباره على حكومة رأيه على الواقعيّات وسقوط الأوامر الواقعيّة تعبّدا لا مجال للامتثال بعد الامتثال حتّى يؤخذ بإطلاق الرأي الثاني فتحصّل أنّ الأقوى هو الإجزاء وعدم النقض فيما إذا رجع عن الميّت إلى الحيّ أو عدل عن الحيّ إلى الحيّ بناء على جوازه كما هو الأقوى.
وقد نصّ السيّد المحقّق اليزدي في العروة على الإجزاء في الرجوع عن الميّت إلى الحيّ حيث قال :
مسألة (٥٣) إذا قلّد من يكتفي بالمرّة مثلا في التسبيحات الاربع واكتفى بها أو قلّد من يكتفي في التيمّم بضربة واحدة ثمّ مات ذلك المجتهد فقلّد من يقول بوجوب التعدّد لا يجب عليه إعادة الأعمال السابقة وكذا لو أوقع عقدا أو إيقاعا بتقليد مجتهد يحكم بالصحّة ثمّ مات وقلّد من يقول بالبطلان يجوز له البناء على الصحّة نعم فيما سيأتي يجب عليه العمل بمقتضى فتوى المجتهد الثاني.
وأمّا إذا قلّد من يقول بطهارة شيء كالغسالة ثمّ مات وقلّد من يقول بنجاسته فالصلوات والأعمال السابقة محكومة بالصحّة وإن كانت مع استعمال ذلك الشيء وأمّا نفس ذلك الشيء إذا كان باقيا فلا يحكم بعد ذلك بطهارته.
وكذا في الحلّيّة والحرمة فإذا أفتى المجتهد الأوّل بجواز الذبح بغير الحديد مثلا فذبح حيوانا كذلك فمات المجتهد وقلّد من يقول بحرمته فإن باعه أو أكله حكم بصحّة البيع وإباحة الأكل وأمّا إذا كان الحيوان المذبوح موجودا فلا يجوز بيعه ولا أكله