وعدم مطابقتها للواقع وإن كنّا نشكّ في الإجزاء وعدمه إلّا أنّ المورد ليس من موارد التمسّك بقاعدة الاشتغال بل هو من موارد التمسّك بقاعدة البراءة.
والوجه فيه هو أنّ حجّيّة الأمارة إن كانت من باب السببيّة والموضوعيّة لم تكن ذمّة المكلّف مشغولة بالواقع أصلا وإنّما تكون مشغولة بمؤدّاها فحسب حيث إنّه الواقع فعلا وحقيقة فلا واقع غيره وإن كانت من باب الطريقيّة والكاشفيّة اشتغلت ذمّته به.
وبما أنّه لا يدري أنّ حجّيّتها كانت على الشكل الأوّل أو كانت على الشكل الثاني فبطبيعة الحال لا يعلم باشتغال ذمّته بالواقع ليكون المقام من موارد قاعدة الاشتغال فإذن لا مناص من الرجوع إلى أصالة البراءة عن وجوب الإعادة حيث إنّه شكّ في التكليف من دون العلم بالاشتغال به وبكلمة أخرى أنّ الشكّ فيما نحن فيه وإن أوجب حدوث العلم الإجمالي بوجود تكليف مردّد بين تعلّقه بالفعل الذي جيء به على طبق الأمارة السابقة وبين تعلّقه بالواقع الذي لم يؤت به على طبق الأمارة الثانية إلّا أنّه لا أثر لهذا العلم الإجمالي ولا يوجب الاحتياط والإتيان بالواقع على طبق الأمارة الثانية وذلك لأنّ هذا العلم حيث قد حدث بعد الإتيان بالعمل على طبق الأمارة الأولى كما هو المفروض فلا أثر له بالإضافة إلى هذا الطرف وعليه فلا مانع من الرجوع إلى أصالة البراءة من الطرف الآخر.
ومن هنا ذكرنا في محلّه أنّ أحد طرفي العلم الإجمالي أو أطرافه إذا كان فاقدا للأثر فلا مانع من الرجوع إلى الأصل في الطرف الآخر كما إذا افترضنا أنّ المكلّف علم بوجوب الصوم عليه في يوم الخميس مثلا من ناحية النذر أو نحوه فأتى به ذلك اليوم ثمّ في يوم الجمعة تردّد بين كون الصوم المزبور واجبا عليه في يوم الخميس أو في هذا اليوم وحيث لا أثر لأحد طرفي هذا العلم الإجمالي وهو كونه واجبا عليه في يوم الخميس لفرض أنّه أتى به فلا مانع من الرجوع إلى أصالة البراءة عن وجوبه في