السببيّة كان المكلّف مخيّرا بين الإتيان بمفاد الأمارة وبين الإتيان بالواقع ولذا لو لم يعمل بمفاد الأمارة وأتى بالواقع رجاء ثمّ كشف الخلاف صحّ عمله ولو كانت الأمارة على وجه الطريقيّة كان الواقع متعيّنا عليه فالأمر فيما إذا شكّ في أنّ الأمارة حجّة من باب السببيّة أو الطريقيّة يدور بين التعيين والتخيير ومقتضى القاعدة لمن ذهب إلى لزوم الاحتياط في الدوران بين التعيين والتخيير هو الإتيان بالواقع لكفايته على التقديرين لكونه قدرا متيقّنا ، فلا تغفل.
المقام الثاني : في مقتضى الأصل بالنسبة إلى وجوب القضاء وعدمه
ولا يذهب عليك أنّ مقتضى القاعدة عند الشكّ في أنّ اعتبار الأمارة من باب الطريقيّة أو السببيّة بالمعنى الثالث أي المصلحة السلوكيّة هو وجوب القضاء إن قلنا بوحدة حقيقة القضاء مع حقيقة الأداء فإنّ مع الوحدة تكفي قاعدة الاشتغال لوجوبه لأنّ المفروض بعد كشف الخطأ هو العلم بمطلوبيّة الواقع مطلقا سواء كان في الوقت أو في خارجه وإنّما الشكّ في كون ما أتى به طبقا للأمارة كافيا عن الواقع أم لا.
نعم لو شكّ في أنّ اعتبار الأمارة من باب الطريقيّة أو السببيّة بالمعنى الأوّل أو الثاني كان مقتضى القاعدة هو البراءة لعدم العلم بغير مؤدّى الأمارة والمفروض أنّه أتى بما أدّت إليه الأمارة.
كما أنّ مقتضى القاعدة هو البراءة عن وجوب القضاء.
ان قلنا : بأنّ القضاء فرض جديد ويحتاج إلى صدق الفوت المعلّق عليه وجوب القضاء بأمر جديد فإنّ عنوان الفوت غير محرز بعد احتمال اعتبار الأمارة التي عمل بها من باب السببيّة بالمعنى الأوّل أو الثاني دون المعنى الثالث ولا طريق لإحراز عنوان الفوت إذ أصالة عدم الإتيان بالواقع لا تكفي بنفسها لأنّ عنوان الفوت كما أفاد المحقّق الأصفهاني قدسسره ليس عنوانا للترك ولعدم الفعل مطلقا بل فيما إذا كان للشيء