المقام الخامس : في أنّ المسألة من المسائل الاصوليّة لا الكلاميّة ولا الفقهيّة ولا من المبادئ الأحكاميّة الفقهيّة ولا من المبادئ التصديقيّة الاصوليّة
أمّا الأوّل : فلأنّ البحث في المقام عن ثبوت الملازمة عقلا بين إرادة ذي المقدّمة والأمر بها وإرادة مقدّماتها والأمر بها وعدم ثبوتها أو عن ثبوت دلالة وجوب ذي المقدّمة على وجوب مقدّماتها أو عدم دلالتها ومن المعلوم أنّه أجنبيّ عن البحث الكلامي موضوعا لأنّ البحث فيه عن أحوال المبدأ والمعاد وعليه فالمناسب للكلام أن تقع البحث في أنّ المقدّمة هل تكون مستتبعة فعلا وتركا للثواب والعقاب أم لا والمفروض أنّه لا يقع البحث في المقام عن الاستتباع المذكور بل لا مورد له لأنّ وجوب المقدّمة على القول به كما أفاد في بدائع الأفكار لا يستلزم امتثاله بنفسه ثوابا ولا عصيانه عقابا غير ما يترتّب على امتثال وجوب ذيها وعصيانه لأنّ وجوب الغيريّ لا ينشأ عن المصلحة النفسيّة في متعلّقه وإلّا كان وجوب المقدّمة نفسيّا لا غيريّا (١).
وأمّا الثاني : فلأنّ المسألة الاصوليّة هي ما يمكن أن تقع نتيجتها في طريق الاستنباط أو تصير نتيجتها مرجعا للمجتهد عند اليأس عن الدليل الاجتهاديّ والمسألة الفقهيّة ليست كذلك وإن كانت من القواعد الكلّيّة كقاعدة الطهارة وبعبارة اخرى أنّ المسألة الاصوليّة ما به ينظر والمسألة الفقهيّة ما فيه ينظر ومع ملاحظة خصوصيّات المسألتين يظهر أنّ البحث عن وجود الملازمة بين إيجاب ذي المقدّمة وإيجاب المقدّمة وعدمها ممّا يقع في طريق الاستنباط والحكم بالوجوب الشرعيّ
__________________
(١) ١ / ٣١١.