ولكنّ البحث عن ظهور الأمر في كذا وكذا بحث صغرويّ بالنسبة إلى حجّيّة الظهورات ويكون من مبادئها ولا يناسب المسائل الاصوليّة وكيف كان فالأولى أن يقال أنّ المسألة عقليّة لا لفظيّة لما أفاده سيّدنا الإمام المجاهد قدسسره من أنّه يشترط في الدلالة الالتزاميّة أن يكون اللازم لازما للمعنى المطابقيّ أوله وللتضمنيّ فإذا دلّ اللّفظ على المعنى ويكون له لازم ذهنيّ يدلّ عليه ولو بوسط تكون الدلالة التزاميّة وما نحن فيه ليس كذلك لأنّ دلالة الأمر على كون متعلّقه مرادا للأمر ليس من قبيل دلالة اللفظ بل من قبيل كشف الفعل الاختياريّ عن كون فاعله مريدا له فالبعث المتعلّق بشيء إنّما هو كاشف عن كون فاعله مريدا له لأجل كونه فعلا اختياريّا له لا لأجل كونه دالّا عليه مطابقة حتّى يكون لازمه لازم المعنى المطابقيّ وتكون الدلالة من الدلالات اللفظيّة إلى أن قال :
مع أنّ محلّ الكلام أعمّ من المدلول عليه بالآلة اللفظيّة (١).
فالمتّجه أنّ البحث عقليّة لا لفظيّة لأنّ البحث يقع في أنّ البعث القوليّ نحو شيء كما يكون كالبعث الخارجيّ في كشفه عن إرادة فاعله لأنّه فعل اختياريّ صادر عن ذي شعور حكيم هل يكون كذلك بالنسبة إلى إرادة مقدّماته أم لا.
وبعبارة اخرى هل تلازم إرادة المتعلّق لإرادة مقدّماته من ناحية كشف الفعل الاختياريّ أم لا ومن المعلوم أنّه لا دخالة للّفظ في تلك الملازمة.
ولكن مع ذلك لا مانع من ذكرها في مباحث الألفاظ لكفاية توهّم لفظيّة الملازمة عند بعض وإن قوّينا كون الملازمة عقليّة لا لفظيّة فلا تغفل.
__________________
(١) منهاج الوصول : ١ / ٣٢٧.