فالمغايرة ليست اعتباريّة محضة كما لا يخفى.
وثانيها : إنّ محطّ الإرادة والطلب هو الوجود الذهنيّ باعتبار حكايته عن الخارج لا الوجود الخارجيّ لأنّ الفعل بما هو وجود خارجيّ بعد تحقّقه في الخارج موجب لسقوط الوجوب والثبوت وعليه فالمطلوب والمراد هو الفعل الذهنيّ سواء كان بسيطا أو مركّبا بما هو وجود عنوانيّ مطابقه ومعنونه هو الوجود الخارجيّ.
فحينئذ إذا لاحظ الآمر عنوانا مركّبا يكون الغرض مترتّبا عليه كالفوج المترتب عليه فتح البلد كأنّ كلّ واحد من الآحاد مندكّ فان في العنوان المركّب كالفوج ولا يكون كلّ واحد في حال إرادة المركّب موردا للتصوّر أو الاشتياق ولا يمكن أن تتعلّق بكلّ واحد واحد من الآحاد إرادة نفسيّة لعدم صدق العنوان عليه وعدم ترتّب الغرض عليه فالآمر إنّما أراد عند تصوّر العنوان المركّب كالفوج والقوم والصلاة نفس المتصوّر واشتاق إليه وأراد إحضاره فإرادته النفسيّة متعلّقة بنفس العنوان المركّب لا غير ثمّ أنّ إرادة العنوان والدعوة إليه إرادة مجموع الأجزاء والآحاد الذي هو معنون هذا العنوان لاتّحاد العنوان مع معنونه.
ولذا أفاد سيّدنا الإمام المجاهد قدسسره بأنّ دعوة الأمر إلى إيجاد الأجزاء إنما هو بعين دعوتها إلى الطبيعة (١).
وقد عرفت أنّ مجموع الأجزاء عين المركّب وليس هو بالمقدّمة إذ المقدّمة هي كلّ واحد واحد من الأجزاء فالآمر بعد تصوّر أنّ المركّب لا يتأتّى به إلّا بكلّ واحد واحد من الأجزاء والأفراد أراد كلّ مقدّمة لأجل إرادة المركّب ويكفي في تعلّق الإرادة الغيريّة لحاظ كلّ فرد أو كلّ جزء إجمالا بعنوان ما يتوقّف عليه العنوان المركّب الواجب فتتعلّق الإرادة بها تبعا لإرادة ذي المقدّمة وهو ممّا يشهد به الوجدان
__________________
(١) تهذيب الاصول : ٢ / ٣٢٥.