رفع التنافي ويشهد له حكم الوجدان بوجود الإرادتين في المركّبات الصناعيّة. فإنّ الباني للبيت له إرادة نفسيّة بالنسبة إلى بناء البيت والبيت عنوان إجماليّ لجميع كلّ ما له دخل في تحقّق البيت في الخارج ومع ذلك يحصل له إرادة تبعا بالنسبة إلى كلّ جزء جزء حين بناء البيت فلا تغفل.
أورد المحقّق العراقيّ على ذلك بأنّ في المثال المزبور إمّا أن تكون المصلحة النفسيّة قائمة بالهيئة الاجتماعيّة فقط أو بالأجزاء والهيئة الاجتماعيّة معا.
فعلى الأوّل وإن كانت الأجزاء مقدّمة للهيئة الاجتماعيّة الواجبة فتكون واجبة بالوجوب الغيريّ إلّا أنّه خارج عن الفرض إذ عليه لا يكون الواجب كلّا والأجزاء مقدّمة له كما هو الواضح وعلى الثاني يكون الواجب عدّة أمور ومن جملتها الهيئة الاجتماعيّة فلا يتحقّق أيضا في معروض الوجوب كلّ ذي أجزاء ذو أجزاء. والشاهد على ذلك هو أنّه في هذا الفرض يمكن أن يؤمر بتلك الأمور مع الهيئة الاجتماعيّة بأوامر متعدّدة كما أنّه يمكن أن يؤمر بها بأمر واحد وهذا يكشف عن أنّ متعلّق الأمر ليس كلّا ذا أجزاء (١).
ولكن يمكن أن يقال إنّ معنون عنوان المركّب هو مجموع الأجزاء والهيئة بوجودهما الإجماليّ وعليه فلا يكون المصلحة النفسيّة قائمة بالهيئة الاجتماعيّة فقط كما لا تكون قائمة بالأجزاء والهيئة الاجتماعيّة منفصلة كلّ واحدة عن الاخرى بل المصلحة قائمة على وجودهما الإجماليّ المشتمل عليها الذي يصدق عليه الكلّ وعلى آحاد أجزائه عنوان الجزء فلا تغفل.
خامسها : في ثمرة البحث :
ذهب في بدائع الأفكار إلى أنّ ثمرة القول بالوجوب الغيريّ للأجزاء هو
__________________
(١) بدائع الافكار : ١ / ٣١٨.