فتحصّل أنّ البحث في وجوب المقدّمة في المقدّمات العقليّة سواء كانت مقدّميّة المقدّمات من جهة التكوين وعدم إمكان النيل إلى ذي المقدّمة بدونها عقلا أو من جهة العادة عدم إمكان ذلك عادة وإن أمكن عقلا أو من جهة التشريع لأنّ توقّف ذي المقدّمة فعلا على المقدّمة في جميع الصور عقليّ ولا مانع من تسمية المقدّمة بالشرعيّة والعاديّة من جهة الجعل الشرعيّ أو جريان العادة في مقدّميّة المقدّمة فلا تغفل.
ومنها تقسيمها إلى : مقدّمة الوجود ومقدّمة الصحّة ومقدّمة الوجوب ومقدّمة العلم.
ولا يخفى عليك رجوع مقدّمة الصحّة إلى مقدّمة الوجود ووجه ذلك أنّ الواجب المطلوب هو الصحيح وهو متوقّف على مقدّمة الصحّة وفقد شرط الصحيح أو وجود المانع مانع عن وجود تلك الخصوصيّة المأخوذة فيه التي عبّر عنها بالتقيّد بوجود ذلك الشيء أو بعدمه فما يوجب فقد الصحّة يوجب فقد الوجود أيضا واستحيل أن يوجد الشيء بجميع أجزائه وخصوصيّاته المأخوذة فيه ولا يكون صحيحا ولا فرق في ذلك بين أن يكون الأسامي موضوعة للأعمّ من الصحيح أو موضوعة لخصوص الصحيح لأن المأمور به والمطلوب ليس إلّا الصحيح فالواجب المطلوب هو الصحيح كما أنّ الصحيح هو الواجب المطلوب.
نعم لا وجه لإرجاع مقدّمة الصحّة إلى مقدّمة الوجود على مختار صاحب الكفاية كما أفاد سيّدنا الأستاذ المحقّق الداماد قدسسره لأنّ قصد القربة أعني قصد الامتثال على مختاره غير ممكن أخذه في متعلّق الأمر لا بأمر واحد ولا بأمر متعدّد بل هو ممّا يعتبر في الطاعة عقلا وعليه فقصد القربة غير مأخوذ في الواجب فشرط الصحّة وهو قصد القربة ليس شرط وجود الواجب والواجب يغاير المسقط للإعادة والقضاء إذ إتيان الصلاة بلا قصد القربة إتيان بالواجب ولكنّه ليس بمسقط للإعادة والقضاء