الاختيار لا الإرادة فبطل ما في الكفاية من أصله وأساسه. (١)
وفيه : أنّ التمكّن من طرفي الفعل والترك والقدرة عليهما يكفي في صدق الاختياريّ عليهما كما عرفت ولا حاجة إلى تحقّق اختيار أحدهما على الآخر بل لو كان ذلك دخيلا ، لما يصدق الاختياريّ على خلافه مع أنّ المعلوم هو صدق الاختياريّ على الفعل والترك معا فمنه يعلم أنّ الميزان هو التمكّن من الخلاف لا الاستناد إلى الإرادة أو اختيار أحدهما على الآخر.
ولا يضرّ بصدق الاختياريّ على الفعل والترك كون التمكّن المذكور مفاضا من ناحية المبدأ المتعال كما هو مقتضى الأمر بين الأمرين.
وممّا ذكر يظهر وجه صدق الاختياريّ على أفعاله تعالى مع كونها مستندة إلى صفاته وأسمائه الذاتيّة الواجبة لوجود ملاك الصدق وهو التمكّن والقدرة على الخلاف فوجوب القدرة بالذات فيه تعالى أو بالغير فينا لا ينافي صدق الاختياريّ كما لا يخفى.
فإذا عرفت أنّ الملاك في اختياريّة الأفعال أو التروك ليس هو مسبوقيّتهما بالإرادة ، فالمباحث التي أوردها في الكفاية حول الإرادة ساقطة ولا مجال لها مع ما فيها من النقد والإيراد إذ الإنسان في أيّ حال قادر على إصلاح أو إفساد حاله وإلّا فلا مورد للتوبيخ والترغيب ولا للإنذار والتبشير ولا الإرشاد والهداية مع أنّ الضرورة من الدين والعقلاء على استحقاق الإنسان لتلك الامور فلو كان الصلاح والفساد ذاتيّين للمصلحين والمفسدين فلا مجال لها كما لا يخفى.
وعليه فما ورد عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من أنّه قال : الشقيّ من شقي في بطن أمّه والسعيد
__________________
(١) نهاية الاصول ١ / ٩٧.