حال الأوامر المتوجّهة إلى الأشخاص.
وأمّا الأوامر المتوجّهة إلى العناوين الكلّيّة مثل يا أيّها الناس وأيّها المؤمنون فشرط تمشي الإرادة والبعث الحقيقيّ هو تشخيص كون هذا الخطاب صالحا لبعث من كان واجدا من بين المخاطبين لشرائط التكليف من غير لزوم تقييده بالقدرة وسائر الشرائط العقليّة بل التقييد إخلال في بعض الموارد فاذا علم المولى بأنّ إنشاء الأمر على العنوان الكلّي صالح لانبعاث طائفة من المكلّفين كلّ في موطنه يصحّ منه التكليف والأمر فشرط التكليف حاصل حين تعلّق الأمر ولعلّه إلى ذلك يرجع كلام المحقّق الخراسانيّ وإن كان إلحاق الوضع بالتكليف كما صنعه ليس في محلّه (١).
وذلك لما عرفت من أنّ محلّ الكلام ليس هو الإرادة ولا البعث والتحريك باعتبار تعلّق الإرادة بهما حتّى يكفي تحقّق مبادئها في مرتبتها بل محلّ الكلام صحّة البعث والتحريك والتكليف وحسنه ومن المعلوم أنّ اتّصاف البعث والتكليف بالحسن والصحّة متوقّف على وجود القدرة خارجا لا لحاظ القدرة ولا لتشخيص وجودها بما هو ولذلك يكشف عجز العبد عن عدم حسن التكليف وصحّته ولو قطع الآمر بأنّ العبد قادر على إتيان العمل في موطنه وليس ذلك إلّا لاشتراط وجود القدرة خارجا لا في لحاظ الأمر وتشخيصه وعليه فاللحاظ والتشخيص لا يرفع إشكال الشرط المتأخّر لأنّ القدرة المتأخّرة مؤثّرة في حسن التكليف وصحّته مع كونهما متقدّمة.
ولقد أفاد وأجاد في نهاية النهاية حيث قال إنّ الدخيل في كلّ فعل اختياريّ ومن جملته التكليف هو الإدراكات النفسانيّة دون الأمور الخارجيّة فإنّها لو أثرت في الفعل لخرج الفعل عن الاختيار إلى القهر يحصل بحصول الفعل الخارجيّ وينعدم بانعدامه إلّا أنّه من المعلوم أن التكليف بمعنى إنشاء الطلب والبعث لا يتوقّف على أمر
__________________
(١) منهاج الوصول : ١ / ٣٤٠.