يمكن صدوره عن العلّة زمنا عليه فلا يعتبر المقارنة في مثله.
نعم الذي لا يمكن تقدّمه على المعلول زمانا هو الجزء الأخير للعلّة التامّة وأمّا سائر أجزائها فلا مانع من ذلك أصلا ونأخذ لتوضيح ذلك مثالين :
أحدهما : أنّ غليان الماء خارجا يتوقّف على إحراق النار وإيجاد الحرارة فيه على التدريج إلى أن تبلغ درجة خاصّة فاذا وصلت إلى هذه الدرجة تحقّق الغليان فالإحراق شرط له وهو متقدّم عليه زمانا. ثانيهما :
أنّ القتل يتوقّف على فري الأوداج ثمّ رفض العروق الدم الموجود فيها إلى الخارج ثمّ توقّف القلب عن الحركة وبعده يتحقّق القتل ففري الأوداج مع أنّه شرط متقدّم عليه فالنتيجة أنّه لا مانع من تقدّم سائر أجزاء العلّة التامّة على المعلول زمانا فإنّ ما لا يمكن تقدّمه عليه لذلك هو الجزء الأخير لها (١).
وفيه أنّ ما كان شرطا للتأثير لا يمكن تقدّمه ولا تأخّره والأمثلة المذكورة ليست من باب تقدّم شرط التأثير بل هي من باب العلل المتدرّجة فإنّ إحراق النار علّة لإيجاد الحرارة وازدياد الإحراق علّة لازدياد الحرارة إلى أن تصل إلى درجة خاصّة والحرارة البالغة إلى درجة خاصّة علّة للغليان كما أن فري الأوداج الأربعة علّة لرفض العروق الدم ورفض العروق الدم علّة لتوقّف القلب وتوقّف القلب علّة إزهاق الروح وعروض القتل فتقدّم بعض العلل المتدرّجة على بعض لا يدلّ على جواز تقدّم الشرط للتأثير أو تأخّره بل اللازم في شرط التأثير هو المقارنة كنفس المؤثّر كما أفاده المحقّق الأصفهانيّ قدسسره وثانيا أنّ دعوى المعدّيّة في المقدّمات تامّة بالنسبة إلى الشرائط المتقدّمة فإنّه يمكن دعوى كونها من المعدّات ولا يلزم ان تكون المعدّات مقارنة مع المعاليل.
__________________
(١) ٢ / ٣٠٦ ـ ٣٠٥.