فإنّه لا يراد من إثبات الوجوب لمقدّمة المشروط إثبات الوجوب المطلق لها فكما أنّ وجوب نفس الواجب مشروط بالمقدّمة الوجوبيّة كذا وجوب مقدّمته بمعنى تنجّزه وفعليّته على وجه لم يكن للمكلّف بدّ من فعله مشروطا بذلك الشرط ثمّ أجاب عن تعليله بأنّ ما ذكر من التعليل إنّما ينفي الوجوب الزائد على الوجوب الثابت لنفس الواجب لا وجوبا على نحو ذلك الوجوب إنّ مطلقا فمطلقا وإن مقيّد فمقيّد. فالسعي للحجّ داخل في حريم الخلاف كالطهارة للصلاة مع أنّ الأوّل مشروط والثاني مطلق ولو لا عموم النزاع للمقدّمات الوجوديّة للواجب سواء كان مشروطا أو مطلقا لم يكن وجه لتحرير المسألة عن أصل إذ قد عرفت أنّ جميع الواجبات مشروط ولو بالأمور العامّة التي هي شرائط التكليف (١).
فتحصّل أنّ النزاع يعمّ المقدّمات الوجوديّة للواجب المشروط كالمقدّمات الوجوديّة للواجب المطلق ولا وجه لتخصيص النزاع بالثاني لعموم الملاك لأنّ الملازمة الشرعيّة إن كانت فلا فرق في ذلك بين كون الواجب مطلقا أو مشروطا نعم لا يعمّ النزاع المقدّمات الوجوبيّة لما أشار إليه في الفصول من لزوم وجوب الشيء بشرط وجوده أو على تقدير وجوده وهو محال.
ولعلّ وجه الاستحالة كما في تعليقة الأصفهانيّ أنّ وجوب الشيء تسبيب إلى إيجاده وهو مع فرض حصوله بطبعه لا بتسبيب منه متنافيان لا أنّ الإيجاد في فرض الوجود مرجعه إلى إيجاد الموجود لأنّ إيجاده تحقيقا ينافي وجوده تحقيقا لا وجوده فرضا (٢).
الموضع الرابع : في أنّ المقدّمات الوجوديّة هل تكون متعلّقة للطلب في الحال بناء على رجوع القيود الى المادّة دون الهيئة أم لا تكون.
__________________
(١) التقريرات : ص ١٤٣.
(٢) التعليقة : ج ١ ص ٣٠٠.