ولا تتعلّق به الإرادة والإنشاء والبعث ابتداء وإنّما يجب بوجوب غيره ويكون مرادا ومنشأ بنفس إرادة الغير وإنشائه فهو نظير لوازم الماهيات التي تجعل بنفس جعل ملزوماتها وهذا بخلاف النفسيّ الذي هو متعلّق الإرادة بذاته وملحوظ للامر ابتداء وقد بعث إليه ووعد وأوعد عليه وإن كانت المصلحة الداعية إلى الأمر به أمرا آخرا حاصلا بسببه حتّى التوصّل إلى واجب نفسيّ مثله (١).
وثانيا : كما أفاد سيّدنا الأستاذ المحقّق الداماد قدسسره أنّ دخول الواجب النفسيّ في تعريف الواجب الغيريّ الذي هو ما امر به للتوصّل إلى واجب آخر مع تسليم أنّ المعيار هو الأغراض والفوائد فيما إذا كانت الفوائد المترتّبة بمرأى ومسمع العرف حتّى يمكن إيجابها وإلّا فلا تعرفها عامّة الناس حتّى يمكن الأمر بها وتصير الأغراض واجبات ويصدق عليها ما أمر بها للتوصّل إلى واجبات أخرى والمفروض أنّ كثيرا من الواجبات النفسيّة لا تعرف العامّة فوائدها وغاياتها فمجرّد كون المعيار هو الأغراض لا يوجب دخول النفسيّات في الغيريّات مع عدم التمكّن من إيجاب فوائدها وغاياتها لأنّ تعريف الغيريّات لا يصدق عليها كما لا يخفى.
نعم يصدق تعريف الغيريّ بما أمر به لأجل غيره كما عن المشهور يصدق عليها وعليه فما ذهب اليه الشيخ الأعظم قدسسره هو الأقوى.
ثمّ أنّه لا مجال لتصحيح تعريف المشهور بدعوى أنّ المقصود من قولهم في تفسير النفسيّ بما أمر به لنفسه وتفسير الغيريّ بما أمر به لأجل غيره أنّ النفسيّات معنونة بعناوين حسنة يستقلّ العقل بمدح فاعلها وذمّ تاركها وصارت بما هو كذلك متعلّقة للإيجاب لا بما هي مقدّمة لأمر مطلوب واقعا من الغايات والفوائد المترتّبة كما أنّ الغيريّات بما هي تكون مقدّمة للواجبات النفسيّة صارت واجبة لا بعناوينها التي
__________________
(١) الوقاية : ص ٢٤٣.