والأولى أن يعرف كما في نهاية النهاية من أنّ الغيريّ هو ما أمر به للإتيان بالواجب الآخر والنفسيّ ما لم يكن كذلك.
الجهة الثانية : في مقتضى الأصل اللفظي
إذا شكّ في واجب أنّه نفسيّ أو غيريّ ؛ ذهب الشيخ الأعظم الى أصالة الإطلاق من ناحية المادّة بتقريب أنّ المطلوب لو كان هو الفعل على وجه يكون شرطا للغير يجب التنبيه عليه من المتكلّم الحكيم ، وحيث ليس ما يصلح أن يكون بيانا فيجب الأخذ بالإطلاق ، ويحكم بأنّ الواجب نفسيّ غير منوط بالغير على وجه لو فرض امتناع الغير يجب الإتيان به مع إمكانه.
والوجه في عدوله عن إجراء أصالة الإطلاق في ناحية الهيئة هو ما اختاره في الهيئة من وضعها لخصوصيّات الطلب المتقدّمة في نفس الطالب باعتبار دواعيها التي تدعو إليها ؛ إذ حيث كان الموضوع له فيها هو الجزئيّ والفرد فلا مجال لأصالة الإطلاق في ناحية الهيئة لدفع الشكّ المذكور بعد كون مفادها الأفراد التي لا يعقل تقييدها (١).
يمكن الجواب عنه بأنّ مقتضى ما مرّ سابقا في مفاد الهيئة أنّ الموضوع له فيها كالموضوع له في الحروف جزئيّ وليس هو الطلب المتقدّم في نفس الطالب ؛ إذ هو من مبادئه ، بل الموضوع له هو نفس البعث الإنشائيّ ، ولكنّه حيث كان كالمعنى الحرفيّ يكون إيجاديّا وجزئيّا ، ومع ذلك لا يمنع جزئيّة الموضوع له عن أصالة الإطلاق في ناحية الهيئة لدفع الشكّ المذكور من جهة إمكان إنشاء الجزئيّ على تقدير من أوّل الأمر من باب ضيق فم الركوة ، فلا يلزم تقيّد الجزئيّ بعد تحقّقه حتّى يقال إنّ الجزئيّ لا سعة له حتّى يتقيّد.
__________________
(١) التقريرات : / ٦٥.