هذا مضافا إلى إمكان التمسّك بالإطلاق الأحواليّ كما في بدائع الأفكار (١).
وأفاد أستاذنا المحقّق الداماد قدسسره حيث إنّ الجزئيّ بعد الوجود له أحوال مختلفة ، فإذا لم يتقيّد الجزئيّ بحال خاصّ كالبعث للتوصّل إلى واجب آخر يمكن الأخذ بالإطلاق ويحكم بأنّ البعث مطلق ولم يتقيّد بشيء فينتزع منه النفسيّ.
ومضافا إلى ما في تعليقة الأصفهانيّ قدسسره من أنّ الإطلاق من ناحية الداعي حيث قال : إنّ ما يحتاج إلى التنبيه عرفا كون الوجوب لداع آخر غير الواجب ، ومنه تعرف أنّ إطلاق البعث بمعنى عدم تقييده بانبعاثه عن داع آخر غير الواجب لا التوسعة من حيث وجوب شيء آخر وعدمه ، والتقييد بهذا المعنى لا ينافي كون البعث جزئيّا حقيقيّا ، فإنّ المقصود ظهور الصيغة بحسب مقدّمات الحكمة في البعث المنبعث عن داعي نفس الواجب لا عن داع آخر في غيره ، مع وضوح أنّ الدواعي ليست من شئون البعث وأطواره كي توجب تضييق دائرة معناه ومفهومه ، فسقط ما سيأتي إشكالا وجوابا (٢).
ولا يخفى عليك أنّ ما ذهب إليه المحقّق الأصفهانيّ هو الموافق لما عرفت في تعريف النفسيّ من أنّ الغيريّ هو ما أمر به للتوصّل إلى واجب آخر ، والنفسيّ هو ما لم يكن للتوصّل إلى واجب آخر ؛ فعدم تقييد البعث بانبعاثه عن داع آخر غير الواجب يوجب بمقدّمات الحكمة أن تكون الصيغة ظاهرة في النفسي ، أي البعث الذي لا ينبعث عن داع آخر غير الواجب.
وبالجملة فلا يحتاج التمسّك بالإطلاق في الهيئة إلى مئونة زائدة مطلقا سواء كان المراد من الإطلاق هو الاطلاق الأحواليّ أو الإطلاق من ناحية الداعي أو الإطلاق المفهوميّ.
__________________
(١) بدائع الأفكار : ١ / ٣٧٣.
(٢) نهاية الدراية : ١ / ٣٢٩.