نفسيّا أو وجوب الصلاة المتقيّدة به ، ولا يعقل أن يكون العلم الإجماليّ موجبا لانحلال نفسه. وعليه فالبراءة العقليّة لا معنى لها بعد بقاء العلم الإجماليّ ، بل مقتضاه هو الاحتياط بأن لا يأتي بالصلاة إلّا مع الطهارة ، نعم ، يظهر من فوائد الاصول جواز الأخذ بالبراءة الشرعيّة بناء على عدم الملازمة بين حرمة المخالفة القطعيّة ووجوب الموافقة القطعيّة ، فإنّ البراءة الشرعيّة حينئذ لا محذور في جريانها ، لأنّ رفع القيديّة إنّما هو من وظيفة الشارع كجعلها ، غايته أنّ وضعها ورفعها إنّما يكون بوضع منشأ الانتزاع ورفعه وهو التكليف بالأكثر وبسطه على الجزء المشكوك أو الشرط المشكوك ، فكما أنّ للشارع أمر بالمركّب على وجه يعمّ الجزء الزائد أو الشرط الزائد كذلك للشارع رفعه بمثل قوله : «رفع ما لا يعلمون» وبذلك ينحلّ العلم الإجماليّ ويرتفع الإجمال. والسرّ في ذلك أنّ حكم العقل بلزوم الامتثال إنّما هو لرعاية حكم الشارع ، وبعد رفع الشارع التكليف عن الأكثر ولو رفعا ظاهريّا يتعيّن كون المكلّف به هو الأقلّ ، فيحصل الامتثال التعبّدي بفعل الأقلّ ولا يجب الزائد عليه (١).
فلا وجه لإسناد الاحتياط في أطراف المعلوم بالإجمال في الأقلّ والأكثر في الأجزاء أو في الشرائط إلى المحقّق النائينيّ من دون تفصيل بين البراءة الفعليّة والشرعيّة ، فإنّه ـ كما عرفت ـ فصّل بينهما. وكيف ما كان فإن لم نقل بالبراءة أصلا فمقتضى الاحتياط هو أن لا نأتي بالصلاة من دون طهارة. وأمّا إذا قلنا بالبراءة فالإتيان بالصلاة من دون طهارة وإن كان جائزا إلّا أنّ مقتضى العلم الإجماليّ في ناحية الوضوء هو أن يأتي بالوضوء قبل الصلاة بقصد ما في الذمّة ولا يبطله قبل الصلاة ، وإلّا لم يحصل الاحتياط بين النفسيّ والغيريّ الذي هو واجب للتوصّل إلى واجب آخر. وعليه فلا تفاوت بحسب النتيجة بين القول بالانحلال والبراءة وبين
__________________
(١) راجع فوائد الاصول : ٤ / ٥٢ و ٦٩.