بالتنجيز فيما إذا كان للزمان دخل في الملاك والخطاب ولم يفت مراد المولى للتمكّن من الوضوء بعد الوقت ، فيجوز أن يجري البراءة قبل الوقت بالنسبة إلى الوضوء. نعم ، صرّح بعدم الفرق فيما إذا لم يتمكّن من الوضوء بعد دخول الوقت ، حيث قال : فالإنصاف أنّه لا فرق في تأثير العلم الإجماليّ في حرمة المخالفة ووجوب الموافقة بين أن لا يكون للزمان دخل في الملاك والخطاب وبين أن يكون له دخل فيهما ، غايته أنّه إذا لم يكن للزمان دخل فيهما فنفس أدلّة المحرّمات تقتضي وجوب الاحتياط في الأطراف بضميمة حكم العقل بوجوب الخروج عن عهدة التكاليف ، وإن كان للزمان دخل فيهما فنفس أدلة المحرّمات لا تفي بذلك ، بل يحتاج إلى حكم العقل بقبح تفويت مراد المولى ، فتأمّل (١).
فإنّ مقتضى عدم وفاء الأدلّة بإفادة الوجوب هو جريان البراءة عن وجوب الوضوء قبل الوقت إذا لم يفت غرض المولى ، كما إذا تمكّن بعد دخول الوقت من الوضوء ؛ لعدم وفاء الأدلّة قبل الوقت بوجوب الوضوء بعد عدم تنجيزها بحصول الشرط الذي له دخل في الملاك والخطاب ، ولعلّه إليه أشار المحقّق المذكور بالأمر بالتأمّل ؛ وكيف ما كان فالأمر واضح.
الثالثة : أنّه إذا لم يعلم إلّا وجوب ما يحتمل كونه نفسيّا أو غيريّا ، مع احتمال أن يكون في الواقع واجب آخر مقيّد بما علم وجوبه في الجملة ، فإن كان الواجب الآخر على فرض احتمال كون المشكوك واجبا غيريّا فعليّا ، فقد يتوهّم عدم وجوب إتيان ما يحتمل كونه واجبا نفسيّا أو غيريّا لجريان البراءة عن وجوبه للشكّ في وجوب ما يحتمل اشتراطه به ، فلا يعلم حينئذ بوجوبه على كلّ حال.
دفعه المحقّق العراقي قدسسره بأنّ ذلك غير تامّ لما قرّر في باب الأقلّ والأكثر من لزوم
__________________
(١) فوائد الاصول : ٤ / ٣٦. ط قديم.