ذي المقدّمة هي الإرادة الأصليّة وإرادة المقدّمة هي الإرادة التبعيّة ؛ وبهذا الاعتبار يصحّ تقسيم الواجب إلى الأصليّ وهو ذو المقدّمة وإلى التبعيّ وهو المقدّمة. كما أنّ باعتبار كون ذي المقدّمة علّة غائيّة لوجوب المقدّمة يصحّ تقسيم الواجب إلى الواجب النفسيّ وهو ذو المقدّمة والواجب الغيريّ وهو المقدّمة. هذا ملخّص ما أفاد (١).
أورد عليه سيّدنا الإمام المجاهد قدسسره بأنّه تكلّف مع أنّ الإرادة المتعلّقة بذي المقدّمة ليست علّة فاعليّة لإرادة المقدّمة بحيث تنشأ منها ، وإلّا لصارت متحقّقة من غير لزوم مقدّمات أخر من التصوّر والتصديق وسائر المبادئ (٢).
وفيه : إنّ التبعيّة القهريّة غير لازمة ، بل معدية إرادة ذي المقدّمة لإرادة المقدّمة تكفي لإثبات تبعيّة إرادة المقدّمة لإرادة ذيها ، والتكلّف ممنوع. وعليه فبهذا الاعتبار يصحّ تقسيم الواجب إلى الأصليّ والتبعيّ ، ولكنّه متّحد مع الواجب النفسيّ والغيريّ ، وإنّما الاختلاف بينهما باعتبار أنّ الأوّل من جهة حيثيّة فاعليّة إرادة ذي المقدّمة أو معدّيتها والثاني من جهة كون ذي المقدّمة علّة غائيّة للمقدّمة.
ثمّ إنّه لو شكّ في واجب أنّه أصليّ أو تبعيّ فقد فصّل في الكفاية بين ما إذا كان الواجب التبعيّ أمرا عدميّا بأن يكون عبارة عمّا لم تتعلّق به الإرادة المستقلّة والالتفات التفصيليّ فمقتضى الأصل هو التبعيّة ، إذ الأصل في ما إذا شكّ في تحقّق الالتفات التفصيليّ والإرادة المستقلّة هو عدمه. وبين ما إذا كان الواجب التبعيّ أمرا وجوديّا خاصّا غير متقوّم بعدميّ وإن كان يلزمه بأن يكون عبارة عمّا تعلّقت به الإرادة التبعيّة ، فلا يثبت بأصالة عدم تعلّق إرادة مستقلّة به أنّه واجب تبعيّ إلّا على القول بالأصل المثبت.
__________________
(١) راجع نهاية الدراية : ١ / ٢٦٥ ،.
(٢) مناهج الوصول : ١ / ٤٠٧.