أورد عليه الأصفهانيّ بأنّه صحيح إن كان مناط التبعيّة عدم تفصيليّة القصد والإرادة ؛ فالتبعيّة موافقة للأصل للشكّ في أنّ الإرادة ملتفت إليها أو لا؟ والأصل عدمه.
وإن كان مناطها نشوء الإرادة عن إرادة اخرى وترشّحها منها ؛ فالأصليّة موافقة للأصل إذ الترشّح من إرادة اخرى ، ونشوؤها منها أمر وجوديّ مسبوق بالعدم.
وليس الاستقلال في الإرادة على هذا أمرا وجوديّا ، بل هو عدم نشوئها عن إرادة اخرى ، وهو محرز بالأصل ، بخلاف الاستقلال من حيث توجّه الالتفات إلى الإرادة فإنّه أمر وجوديّ ، كما عرفت (١).
حاصله أنّه جعل الواجب الأصليّ متقوّما بأمر عدميّ فاختار عكس ما اختاره صاحب الكفاية بعد ما مرّ من ضعف ، كون مناط التبعيّة هو عدم تفصيليّة القصد والإرادة وظاهره ، أنّ الأصل موافق للتبعيّة لو كان المناط هو عدم تفصيليّة القصد والإرادة ، ولكن حيث لم يصحّ المناط المذكور فالأصل موافق للأصليّة. وعلى كلّ تقدير كان الواجب متقوّما بأمر عدميّ وهو الموجب لجريان الأصل ، بخلاف ما إذا كان الواجب أمرا وجوديّا فلا يثبت التبعيّة أو الأصليّة بالأصل لأنّه مثبت.
فالمحقّق الأصفهانيّ كصاحب الكفاية فصّل بين كون الواجب تبعيّا كان أو أصليّا وجوديّا أو عدميّا ، فاختار ثبوت الأصليّ بالأصل مع كون الأصليّ متقوّما بالأمر العدميّ.
أورد عليهما شيخنا الاستاذ الأراكيّ (قدس الله أسرارهم) بأنّه لا مدخليّة للوجوديّ أو العدميّ في كون الأصل مثبتا ، وإنّما الملاك في عدم جريان الأصل هو
__________________
(١) نهاية الدراية : ١ / ٣٦٦.