من تقسيمات الواجب ، فلا وجه لما فعله صاحب الكفاية حيث ذكره بعد الأمر الرابع.
تنبيهات :
التنبيه الأوّل : في استحقاق الثواب والعقاب في الأوامر النفسيّة :
ولا يخفى عليك أنّ العقل يحكم باستحقاق العاصي للعقاب عند مخالفته للأوامر النفسيّة ، لأنّه متمرّد وطاغ وخارج عن آداب العبوديّة وظالم لمولاه في عدم أداء حقوق المولويّة ، وليس المراد من الاستحقاق هو إيجاب العقاب على المولى إذ للمولى ان يعفو عن العاصي ، بل المراد أنّ عقاب المولى بالنسبة إلى العاصي في محلّه ، لأنّه مستحقّ لذلك بسبب تمرّده وعصيانه وخروجه عن آداب العبوديّة.
ولكنّ العقل لا يحكم باستحقاق المطيع للثواب بعد وضوح أنّه أتى بما هو وظيفة العبد بالنسبة إلى مولاه ، مع أنّه بوجوده وحياته وجميع شئونه متنعّم بإعطائه وإحسانه ، وكانت التكاليف نافعة له لا لله تعالى.
نعم يحكم العقل بأنّ المطيع حقيق بالمدح والأجر ؛ بمعنى أنّ مدحه والثواب على اطاعته في محلّه ، لا بمعنى أنّ له حقّا على المولى.
وأيضا أنّ قاعدة اللطف كما تقتضي إرسال الرسل وإعلام الأحكام كذلك تقتضي تأكيد الدعوة في نفوس العامّة بجعل الثواب والعقاب ؛ وعليه صار العبد بعمله مستحقّا لما جعله المولى من المثوبة والعقوبة بحقيقة معنى الاستحقاق ، كما أفاد المحقّق الأصفهانيّ قدسسره (١).
وذلك لأنّ بعد جعل الثواب ؛ فمن أتى بما له الثواب استحقّ ذلك الثواب دون من لم يأت به.
__________________
(١) نهاية الدراية : ١ / ٣٣١.