أهليّته للمدح والثواب الانقياديّ ، فعباديّة المقدّمة لم تنشأ من ناحية امتثال أمرها الغيريّ ولا من ناحية امتثال أمر ذي المقدّمة ، إذ قبل الإتيان بذي المقدّمة لا مجال لامتثال ذي المقدّمة ، بل من ناحية انقياده للطاعة.
نعم منشأ انقياده وعباديّة العمل هو قصد التوصّل بالمقدّمة إلى الغاية المطلوبة بالأمر النفسيّ كالصلاة ، ولا يلزم في ذلك أن تكون المقدّمة من متعلّقاته حتّى يرد عليه أنّ الأمر النفسيّ لا يدعو إلّا إلى متعلّقه ولا يعقل أن يدعو إلى المقدّمات لعدم تعلّقه بها (١).
لأنّ قصد التوصّل بها إلى إحدى الغايات المطلوبة بالأمر النفسيّ يكفي في عباديّتها اللّازمة بدليل الإجماع كما لا يخفى. وبالجملة لا فرق بين الطهارات الثلاث وغيرها من المقدّمات إلّا في اعتبار عباديّة إتيانها بالنحو المذكور.
الاستحباب النفسيّ
وقد عرفت أنّ ثبوت الاستحباب النفسيّ في الوضوء والغسل والتيمّم محلّ إشكال ، فالمناسب أن نشير إلى وجه الإشكال في المقام وإحالة التفصيل إلى محلّه. ولا يخفى عليك أنّ المحكيّ عن الفاضلين والشهيد في الذكرى أنّه لو نوى المحدث بالأصغر وضوء مطلقا مقابلا للوضوء للغايات حتّى الكون على الطهارة كان باطلا. واستجوده في المستمسك وقال : ظاهر شيخنا الأعظم في مبحث نيّة الوضوء المفروغيّة عن بطلانه فيما إذا أريد من الوضوء المأتيّ به لا لغاية ولا للكون على الطهارة (٢).
وقوّاه استاذنا المحقّق الداماد قدسسره مستدلّا بعدم دليل صالح لإثبات استحباب النفسيّ للطهارات الثلاث ، وذلك لضعف الأدلّة سندا أو دلالة لاحتمال أن يكون
__________________
(١) كما في مفاتيح الاصول : ١ / ٣٨٦.
(٢) المستمسك : ٢ / ٢٧٠.