المقام التاسع في تبعيّة وجوب المقدّمة عن وجوب ذيها
ولا يخفى عليك أنّ وجوب المقدّمة بناء على الملازمة يتبع في الخصوصيّات من الإطلاق والاشتراط لوجوب ذيها ؛ وعليه فلو كان وجوب ذيها مطلقا لكان وجوب مقدّمته أيضا كذلك ، وإن كان مشروطا كان وجوبها كذلك ، ولا مجال لكون وجوب ذي المقدّمة مطلقا ووجوب المقدّمة مشروطا ، وذلك في غاية الوضوح. ولكن نسب إلى صاحب المعالم أنّه ذهب إلى أنّ وجوب المقدّمة مشروط بإرادة ذيها ، بحيث لا وجوب لها عند عدم إرادته.
ومنشأ هذه النسبة أنّه ربّما استدلّ على أنّ الأمر بالشيء مقتض للنهي عن ضدّه الخاصّ بأنّ ترك الضدّ ممّا يتوقّف عليه فعل الواجب توقّف الشيء على عدم مانعة ، فيجب بالوجوب المقدّميّ فيكون نفس الضدّ حراما.
فأجاب صاحب المعالم عن هذا الاستدلال بأنّ حجّة القول بوجوب المقدّمة على تقدير تسليمها إنّما تنهض دليلا على الوجوب في حال كون المكلّف مريدا للفعل المتوقّف عليها ، انتهى.
ولازم ذلك أنّ من لم يرد الإزالة لم يكن ترك ضدّها الخاصّ وهو الصلاة واجبا حتّى يكون نفس ضدّها وهو الصلاة محرّما ؛ فمن عصى ولم يأت بالإزالة وأتى في وسعة الوقت بالصلاة صحّت صلاته لأنّها لم تكن منهيّة.
وكيف كان ، فقد اورد عليه في الكفاية بأنّ نهوض الحجّة على التبعيّة واضح لا يكاد يخفى وإن كان نهوضها على أصل الملازمة لم يكن بهذه المثابة.