ذيها ، ولكنّ اتّصاف المقدّمة بالوجوب منوط بحال إرادة ذيها. وعليه فكلام صاحب المعالم هو الذي ينتهي إليه صاحب الفصول من أنّ المقدّمات الواجبة هي التي تترتّب عليها الواجبات.
ولقد أفاد وأجاد في الوقاية حيث قال : إنّ ما نسب إلى صاحب المعالم من توقّف وجوب الواجب الغيريّ على إرادة الغير ، وإلى صاحب الفصول من توقّف وجوب المقدّمة على الإيصال ناش من عدم التأمّل في كلامهما. ومقام هذين الفحلين المبرّزين أسمى من ذلك وأرفع.
والتأمّل الصحيح يشهد بأنّهما يعتبران في وقوع الواجب الغيريّ على صفة الوجوب بحيث يكون مصداقا له إرادة الغير أو إيصاله إليه. وتعرف إن شاء الله أنّ ما ذهبا إليه هو الصحيح ومرادهما واحد وإن اختلف التعبيران.
وقال في آخر كلامه : وما يوجد في كلام صاحب المعالم من الحكم بعدم وجوب المقدّمة مع عدم الداعي إلى فعل الواجب أو وجود الصارف عنه ينبغي أن يحمل على اعتبار نفس الإيصال ، والنسبة بين جميع ذلك وبين الإيصال وإن كانت عموما من وجه ، ولكن لمّا كان الغالب ملازمة القصد مع ترتّب الواجب وعدمه مع عدم الداعي أو وجود الصارف حتّى إنّه لا يقع الانفكاك بينهما إلّا نادرا عبّر رحمهالله عن اعتبار الإيصال بهذه العناوين (١).
فتحصّل أنّ تبعيّة وجوب المقدّمة عن وجوب ذيها واضحة ولا مخالف فيها. نعم ، لا يتّصف كلّ مقدّمة بهذا الوجوب ، وهذا هو البحث الآتي.
__________________
(١) الوقاية : / ٢٥١ ـ ٢٧٥.